[24] على الرضف (1) أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حله، أو يمنعه من حقه، أو يكون له خازنا إلى يوم موته، فاولئك الذين إن نوقش عنهم عذبوا وإن عفي عنهم سلموا. وأما الطبق الثالث: فانهم يحبون جمع المال مما حل وحرم ومنعه مما افترض ووجب إن أنفقوه أنفقوا إسرافا وبدارا، وإن أمسكوه أمسكوا بخلا واحتكارا اولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم (1). 27 - وعن النبي صلى الله عليه وآله: احذروا المال فإنه كان فيما مضى رجل قد جمع مالا وولدا وأقبل على نفسه وجمع لهم فأوعى، فأتاه ملك الموت فقرع بابه وهو في زي مسكين فخرج إليه الحجاب فقال لهم: ادعوا لي سيدكم، قالوا: أو يخرج سيدنا إلى مثلك ودفعوه حتى نحوه عن الباب، ثم عاد إليهم في مثل تلك الهيئة وقال: ادعوا لي سيدكم وأخبروه أني ملك الموت فلما سمع سيدهم هذا الكلام قعد فرقا وقال لاصحابه: لينوا له في المقال وقولوا له لعلك تطلب غير سيدنا بارك الله فيك، قال لهم: لا، ودخل عليه وقال له: قم فأوص ما كنت موصيا فإني قابض روحك قبل أن أخرج فصاح أهله وبكوا فقال: افتحوا الصناديق واكتبوا ما فيها من الذهب والفضة ثم أقبل على المال يسبه ويقول له: لعنك الله يا مال أنت أنسيتني ذكر ربي وأغفلتني عن أمر آخرتي حتى بغتني من أمر الله ما قد بغتني، فأنطق الله المال فقال له: لم تسبني وأنت ألام مني ؟ ألم تكن في أعين الناس حقيرا فرفعوك لما رأوا عليك من أثرى ؟ ألم تحضر أبواب الملوك والسادة ويحضرهما الصالحون وتدخل قبلهم ويؤخرون ؟ ألم تخطب بنات الملوك والسادة ويخطبهن الصالحون فتنكح ويردون ؟ فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك ولو كنت تنفقني في سبيل الله لم أنقص عليك فلم تسبني وأنت ألام مني ؟ إنما خلقت أنا وأنت من تراب فأنطلق تراثا وانطلق هامش (1) الرضف: الحديدة المحماة على النار - نهاية ابن الاثير. (2) عدة الداعي ص 73. ________________________________________