[ 389 ] منه، ثم أوحى الله تبارك وتعالى إليه: أن يا صالح قل لهم: إن الله قد جعل لهذه الناقة شرب يوم ولكم شرب يوم، فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم فيحلبونها فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك، فإذا كان الليل وأصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم ولم تشرب الناقة ذلك اليوم، فمكثوا بذلك ما شاء الله، ثم إنهم عتوا على الله ومشى بعضهم إلى بعض وقالوا: اعقروا هذه الناقة واستريحوا منها، لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم ولها شرب يوم. ثم قالوا: من الذي يلي قتلها ونجعل له جعلا (1) ما أحب ؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق ولد زنا لا يعرف له أب يقال له قدار، شقي من الأشقياء، مشؤوم عليهم، فجعلوا له جعلا، فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده تركها حتى شربت الماء وأقبلت راجعة فقعد لها في طريقها فضربها بالسيف ضربة فلم تعمل شيئا "، فضربها ضربة اخرى فقتلها، وخرت إلى الأرض على جنبها، و هرب فصيلها حتى صعد على الجبل فرغا " ثلاث مرات إلى السماء، وأقبل قوم صالح فلم يبق أحد إلا شركه في ضربته، واقتسموا لحمها فيما بينهم فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل منها، فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم فقال: يا قوم ما دعاكم إلى ما صنعتم ؟ أعصيتم ربكم ؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إلى صالح عليه السلام أن قومك قد طغوا وبغوا وقتلوا ناقة بعثتها إليهم حجة عليهم، ولم يكن عليهم فيها ضرر، وكان لهم أعظم (2) المنفعة، فقل لهم: إني مرسل عليكم عذابي إلى ثلاثة أيام، فإن هم تابوا ورجعوا قبلت توبتهم وصددت عنهم، وإن هم لم يتوبوا ولم يرجعوا بعث عليهم عذابي في اليوم الثالث. فأتاهم صالح عليه السلام فقال لهم: يا قوم إني رسول ربكم إليكم وهو يقول لكم: إن أنتم تبتم و رجعتم واستغفرتم غفرت لكم وتبت عليكم. فلما قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا وأخبث وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، قال: يا قوم إنكم تصبحون غدا " ووجوهكم مصفرة، واليوم الثاني وجوهكم محمرة، واليوم الثالث وجوهكم مسودة، فلما أن كان أول يوم أصبحوا ووجوههم مصفرة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: قد جاءكم ما ________________________________________ (1) أي أجرا على ما يفعله. (2) في المصدر: لهم منها اعظم اه. م [ * ] ________________________________________