[ 384 ] فبهتوا، وقالوا: قد علمنا يا صالح إن ربك أعز وأقدر من آلهتنا التي نعبدها، وكان لقريتهم ماء وهي الحجر التي ذكرها الله تعالى في كتابه وهو قوله: " كذب أصحاب الحجر المرسلين " فقال لهم صالح: لهذه الناقة شرب، أي تشرب ماءكم يوما " وتدر لبنها عليكم يوما "، وهو قوله عزوجل: " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم " فكانت تشرب ماءهم يوما "، وإذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى في القرية أحد إلا حلب منها حاجته، وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة النمل " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون " فعقروا الناقة ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل، فلما عقروا الناقه قالوا لصالح: " ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " قال صالح: " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " ثم قال لهم: وعلامة هلاككم أنه تبيض وجوهكم غدا "، وتحمر بعد غد وتسود يوم الثالث، فلما كان من الغد نظروا إلى وجوههم قد ابيضت مثل القطن، فلما كان يوم الثاني احمرت مثل الدم، فلما كان يوم الثالث اسودت وجوههم، فبعث الله عليهم صيحة وزلزلة فهلكوا، وهو قوله تعالى: " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين " فما تخلص منهم غير صالح وقوم مستضعفين مؤمنين وهو قوله: " فلما جاء أمرنا نجينا صالحا " والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز * وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا " كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ". (1) بيان: قال الله تعالى في سورة الأعراف: " فأخذتهم الرجفة " قال الطبرسي رحمه الله: أي الصيحة، عن مجاهد والسدي، وقيل: الصاعقة، وقيل: الزلزلة اهلكوا بها، عن أبي مسلم، وقيل: كانت صيحة زلزلت به الأرض، وأصل الرجفة: الحركة المزعجة بشدة الزعزعة، قوله تعالى: " جاثمين " أي صرعى ميتين لا حركة بهم، وقيل: كالرماد الجاثم لأنهم احترقوا بها (2) " كأن لم يغنوا فيها " أي كأن لم يكونوا في منازلهم قط لأنقطاع آثارهم ________________________________________ (1) تفسير القمى ص 306 - 308. م (2) مجمع البيان 4: 441. م [ * ] ________________________________________