[41] وفي هذا أوضح دليل على أنه لابد للامة من إمام يقوم بأمرهم، فيأمرهم وينهاهم، ويقيم فيهم الحدود ويجاهد العدو ويقسم الغنايم، ويفرض الفرائض، ويعرفهم أبواب ما فيه صلاحهم، ويحذرهم ما فيه مضارهم، إذ كان الامر والنهي أحد أسباب بقاء الخلق، وإلا سقطت الرغبة والرهبة، ولم يرتدع، ولفسد التدبير وكان ذلك سببا لهلاك العباد في أمر البقاء والحياة في الطعام الشراب والمساكن والملابس والمناكح من النساء والحلال والحرام والامر والنهي إذ كان سبحانه لم يخلقهم بحيث يستغنون عن جميع ذلك، ووجدنا أول المخلوقين وهو آدم عليه السلام لم يتم له البقاء والحياة إلا بالامر والنهي قال الله عزوجل " يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " (1) فدلهما على ما فيه نفعهما وبقاؤهما ونهاهما عن سبب مضرتهما، ثم جرى الامر والنهي في ذريتهما إلى يوم القيامة ولهذا اضطر الخلق إلى أنه لابد لهم من إمام منصوص عليه من الله عزوجل يأتي بالمعجزات، ثم يأمر الناس وينهاهم. وإن الله سبحانه خلق الخلق على ضربين: ناطق عاقل فاعل مختار، وضرب مستبهم فكلف الناطق العاقل المختار، وقال سبحانه: " خلق الانسان * علمه البيان " (2). وقال سبحانه " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم " (3) ثم كلف، ووضع التكليف عن المستبهم لعدم العقل والتمييز. وأما وضع الاسماء، فانه تبارك وتعالى اختار لنفسه الاسماء الحسنى فسمى نفسه " الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر " (4). وغير ذلك، وكل اسم يسمى به فلعلة ما، ولما تسمى بالملك أراد تصحيح معنى الاسم لمقتضى الحكمة، فخلق الخلق وأمرهم ونهاهم ليتحقق حقيقة الاسم ومعنى ________________________________________ (1) البقرة: 35. (2) الرحمن: 2 - 3. (4) العلق: 1 - 5. (3) الحشر: 23. ________________________________________