[8] أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال: " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " (1) إلى آخر الآية، ثم نسخها سبحانه فقال: " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين (2) " إلى آخر الآية فنسخ بهذه الآية ما قبلها، فصار من فر من المؤمنين في الحرب إن كانت عدة المشركين أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارا من الزحف، وإن كان العدة رجلين لرجل فارا من الزحف. وقال عليه السلام: ومن ذلك نوع آخر، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة آخى بين أصحابه من المهاجرين والانصار وجعل المواريث على الاخوة في الدين لا في ميراث الارحام، وذلك قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم أولياء بعض - إلى قوله سبحانه - والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا " (3) فأخرج الاقارب من الميراث، وأثبته لاهل الهجرة، وأهل الدين خاصة، ثم عطف بالقول فقال تعالى: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير " (4) فكان من مات من المسلمين يصير ميراثه وتركته لاخيه في الدين دون القرابة والرحم الوشيجة، فلما قوي الاسلام أنزل الله " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا " (5) فهذا المعنى نسخ آية الميراث. ومنه وجه آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث كانت الصلاة إلى قبلة بيت المقدس سنة بني إسرائيل، وقد أخبرنا الله بما قصه في ذكر موسى عليه السلام أن يجعل بيته قبلة وهو قوله: " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة " (6) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في أول مبعثه يصلي ________________________________________ (1 - 2) الانفال: 65 - 66. (3 - 4) الانفال: 72 - 73. (5) الاحزاب: 6. (6) يونس: 87. ________________________________________