[ 16 ] " إلى أجل مسمى " أي إلى الوقت الذي ضربه الله لكم أن يميتكم فيه، ولا يؤاخذكم بعاجل العقاب " بسلطان مبين " أي بحجة واضحة، وإنما قالوا ذلك لانهم اعتقدوا أن ما جاءت به الرسل من المعجزات ليست بمعجزة ولا دلالة، وقيل: إنهم طلبوا معجزات مقترحات سوى ما ظهرت فيما بينهم. " ولكن الله يمن " أي ينعم عليهم بالنبوة والمعجزات " وقد هدينا سبلنا " أي عرفنا طريق التوكل، أو هدانا إلى معرفته وتوجيه العبادة إليه " ذلك لمن خاف " أي ذلك الفوز لمن خاف وقوفه للحساب بين يدي " وخاف وعيد " (1) أي عقابي، وإنما قالوا: " أو لتعودن " وهم لم يكونوا على ملتهم قط ؟ إما لانهم توهموا على غير حقيقة أنهم كانوا على ملتهم، وإما لانهم ظنوا بالنشو بينهم أنهم كانوا عليها. " واستفتحوا " أي طلب الرسل الفتح والنصر من الله، وقيل: هو سؤالهم أن يحكم الله بينهم وبين اممهم، لان الفتح الحكم، وقيل: معناه: واستفتح الكفار العذاب " وخاب كل جبار عنيد " أي خسر كل متكبر معاند مجانب للحق دافع له. (2) " وما أهلكنا " أي لم نهلك أهل قرية فيما مضى على وجه العقوبة إلا وكان لهم أجل معلوم مكتوب لابد أن سيبلغونه، فلا يغرن هؤلاء الكفار إمهالي إياهم " ما ________________________________________ (1) قال السيد الرضى قدس سره في تلخيص البيان: قوله: < < ذلك لمن خاف مقامي > > هذه استعارة، لان المقام لا يضاف الا إلى من يجوز عليه القيام، وذلك مستحيل على الله سبحانه، فإذا المراد به يوم القيامة، لان الناس يقومون فيه للحساب وعرض الاعمال على الثواب والعقاب، فقال سبحانه في صفة ذلك اليوم: < < يوم يقوم الناس لرب العالمين > > وانما أضاف تعالى هذا المقام إلى نفسه في هذا الموضع وفى قوله: < < ولمن خاف مقام ربه جنتان > > لان الحكم في ذلك اليوم له خالصا لا يشاركه فيه حكم حاكم ولا يحاده أمر آمر، وقد يجوز أن يكون المقام هنا بمعنى آخر وهو أن العرب تسمى المجامع التى تجتمع فيها لتدارس مفاخرها وتذاكر مآثرها مقامات ومقاوم، فيجوز أن يكون المراد بالمقام هنا الموضع الذى يحصى الله تعالى فيه على بريته محاسن اعمالهم ومقابح أفعالهم لاستحقاق ثوابه وعقابه واستيجاب رحمته وعذابه، وقد يقولون: هذا مقام فلان ومقامته على هذا الوجه وان لم يكن الانسان المذكور في ذلك المكان قائما، بل كان قاعدا أو مضطجعا. (2) مجمع البيان 6: 305 - 308. م [ * ] ________________________________________