[55] تبيين قوله عليه السلام: (لئلا يكون القرآن مهجورا) أي لو لم يجب قراءته في الصلاة لتركوها لتساهلهم في المندوبات، وليكون محفوظا لحفظ المعجز والمواعظ والاخبار والحقايق والاحكام، التي اشتمل القرآن عليها. (وذلك أن قوله (الحمد لله) إنما هو أداء) أي لما علم الله سبحانه عجز عبيده عن الاتيان بحمده، حمد نفسه بدلا عن خلقه، أو أنه تعالى علمهم ليشكروه وإلا لم يعرفوا طريق حمده وشكره وقوله: (وشكر) تخصيص بعد التعميم أي شكر له على جميع نعمه لاسيما نعمة التوفيق للعبادة (تمجيد له وتحميد) التمجيد ذكر ما يدل على المجد والعظمة والتحميد ذكر ما يدل على النعمة، ودلالته عليهما ظاهرة، وأما الاقرار بالتوحيد فلان العالم ما يعلم به الصانع، وهو كل ما سوى الله، وجمع ليدل على جميع أنواعه، فإذا كان الله خالق الجميع ومدبرهم ومربيهم، فيكون هو الواجب وغيره من آثاره، والاستعطاف لان ذكره تعالى بالرحمانية والرحيمية نوع من طلب الرحمة، بل أكمله. وأقول: لما أشار الشهيدان رفع الله درجتهما في النفلية وشرحها إلى ما احتوى عليه هذا الخبر من الحكم والفوائد، نذكر كلامهما لايضاحه: قالا: ويلزمه استحضار التوفيق للشكر عند أول الفاتحة، وعند كل شكر، لان التوفيق لقوله: (الحمد لله) المشتمل على غرائب المعاني وجلائل الشكر نعمة من الله تعالى على القارئ، وفقه لها بتعليمه الشكر له، بهذه الصيغة الشريفة، وليستحضر أن جملة الافراد المحمود عليها والنعم الظاهرة والباطنة عليه، كلها من الله تعالى إما بواسطة أو بغير واسطة فان الواسطة فيها كلها رشحة من رشحات جوده، ونفحة من نفحات فضله، ليناسب كون جملة (الحمد لله الجواد) ويطابق المعنى المدلول عليه للاعتقاد. واستحضار التوحيد الحقيقي عند قوله: (رب العالمين) حيث وصفه بكونه ربا ومالكا لجميع العالمين، من الانس والجن والملائكة وغيرهم، واستحضار ________________________________________