[369] وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى " تبارك الذي نزل الفرقان " (1) تفاعل من البركة معناه عظمت بركاته وكثرت عن ابن عباس، والبركة الكثرة في الخير. وقيل: معناه تقدس وجل بما لم يزل عليه من الصفات ولا يزال وقيل معناه قام بكل بركة وجاء بكل بركة " سبحانك رب البيت " أي انزهك عن أن تكون في جهة من الجهات وأن يكون البيت الذي توجهت إليه مسكنك وتحتاج إليه بل أنت ربه خلقته وكرمته وتعبدت الخلايق بالتوجه إليه. " وجهت وجهي " أي وجه قلبي " للذي فطر السماوات والارض " أو وجه جسدي إلى بيته والجهة التي أمرني بالتوجه إليها، والفطر الابتداء والاختراع والايجاد بعد العدم، قال ابن عباس ماكنت أدري فاطر السماوات والارض حتى احتكم إلى أعرابيان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها (2) أي ابتدأت حفرها، والصلاة إما لبيان أنه لا يستحق العبادة إلا من كان خالقا لجميع الموجودات فكأنه قال إنما صرفت وجهي وتوجهت بشراشري إلى الله وأخلصت العبادة له وأعرضت عما سواه، لانه خالق السماوات والارض، ومن كان خالقا لهما فهو خالق لما سواهما، أو المراد بخالقهما خالقهما وخالق ما فيهما، أو هي للاشعار بأن توجهي إلى تلك الجهة ليس لكونه تعالى فيها بل لانه خالق الارض والسماوات، وجميع الجهات، وخالق المكان لا يجوز أن يكون فيه أو محتاجا إليه. وفي بعض الروايات بعد ذلك " عالم الغيب والشهادة " أي أخلص العبادة للذي لا يخفى عليه شئ ويعلم ما ظهر للحواس وما غاب عنها، ومن كان كذلك يستحق العبادة، أو لابد من الاخلاص في عبادته لانه عالم بالبواطن، أو المعنى أنه ليس في شئ من الاماكن ذاتا حاضر في جميعها علما وتدبيرا وتأثيرا وقدرة، فنسبته إلى الجميع على السواء لكونه خالقا للجميع مربيا لها وعالما بها وليس في شئ منها. " على ملة إبراهيم " أي التوحيد التام الخالص في الظاهر والباطن، وهو ملل ________________________________________ (1) الفرقان: 1، راجع مجمع البيان ج 7 ص 160. (2) أي شققتها. ________________________________________