[342] ونفك العاني، فنزلت. (اولئك حبطت أعمالهم) التي هي العمارة والسقاية والحجابة وفك العناة التي يفتخرون بها أو مطلقا بما قارنها من الشرك (وفي النارهم خالدون) لاجله، وفيها دلالة على بطلان أعمال الكفار وعدم صحة شئ منها ويمكن أن يفهم منها جواز منعهم من مثل العمارة. (إنما يعمر مساجد الله) الحصر إما إضافي بالنسبة إلى اولئك المشركين، أو مطلق الكفرة، فهذه الاوصاف لتفخيم شأن عمارة مساجد الله، وتعظيم عاملها، وأنه ينبغي أن يكون على هذه الاوصاف، ولبيان بعد اولئك عن عملها، أو المراد عمارتها حق العمارة التي لا يوفق لها إلا هؤلاء الموصوفون باعتبار قوة إيمانهم، وكمال إخلاصهم أو المراد أنه لا يستقيم ولا يصح عمارة مساجد الله من أحد على طريق الولاية عليها إلا ممن كان كذلك، فان الظاهر أن اولئك المفتخرين أرادوا نحو ذلك، وأنهم ولاة المسجد الحرام، فيختص بالنبي والائمة الطاهرين صلوات الله عليهم. على أن الظاهر من قوله (ولم يخش إلا الله) عدم سبق الفسق، بل ولا ذنب فكيف الكفر، و قيل: إنهم كانوا يخشون الاصنام ويرجونها، فاريد نفي تلك الخشية. (فعسى اولئك أن يكونوا من المهتدين) تبعيد للمشركين عن مواقف الاهتداء وحسم لاطماعهم في الانتفاع بأعمالهم التي استعظموها وافتخروا بها، وأملوا عاقبتها بأن الذين آمنوا وضموا إلى إيمانهم العمل بالشرائع، مع استشعار الخشية والتقوى اهتداؤهم دائر بين عسى ولعل، فما بال المشركين يقطعون أنهم مهتدون ويأملون عند الله الحسنى. وقيل في هذا الكلام ونحوه لطف للمؤمنين في ترجيح الخشية، ورفض الاغترار بالله، وقيل عسى إشارة إلى حال المؤمنين وأنهم مع ذلك في دعواهم للهداية، وعد نفوسهم من المهتدين على هذا الحال، فما بال الكفار يقطعون لانفسهم بالاهتداء، ثم ذلك للمؤمنين إما أن يكون لرجحان الخشية وقوتها، أو على سبيل التأدب والتواضع أو نظرا منهم إلى مرتبة أعلى ودرجة أسنى. ________________________________________