[443] عليهم السلام يمشون بين يديه فأتبع آثارهم حتى رفعوه في جو السماء واوتي من العلم والحكمة ما عرف به الاولى والوسطى والاخرى، والذي هو كائن، ثم أنزلوه إلى الارض وقرنوا معه قرينا من الملائكة الاربعة فمكث في تلك البلاد حينا ثم إنه أتى أرض سولابط فلما بلغ والده قدومه خرج يسير هو والاشراف فأكرموه و قربوه، واجتمع إليه أهل بلده مع ذوي قرابته وحشمه وقعدوا بين يديه وسلموا عليه وكلمهم الكلام الكثير وفرش لهم الايناس وقال لهم: اسمعوا إلي بأسماعكم وفرغوا إلي قلوبكم لاستماع حكمة الله عزوجل التي هي نور الانفس وتقروا بالعلم الذي هو الدليل على سبيل الرشاد، وأيقظوا عقولكم وافهموا الفصل الذي بين الحق والباطل، والضلال والهدى. واعلموا أن هذا هو دين الحق الذي أنزله الله عزوجل على الانبياء والرسل عليهم السلام، والقرون الاولى، فخصنا الله عزوجل به في هذا القرن برحمته بنا ورأفته ورحمته وتحننه علينا وفيه خلاص من نار جهنم إلا أنه لا ينال الانسان ملكوت السماوات ولا يدخلها أحد إلا بالايمان وعمل الخير، فاجتهدوا فيه لتدركوا به الراحة الدائمة والحياة التي لا تنقطع أبدا ومن آمن منكم بالدين فلا يكونن إيمانه طمعا في الحياة ورجاء ملك الارض وطلب مواهب الدنيا، وليكن إيمانكم طمعا في ملكوت السماوات ورجاء الخلاص وطلب النجاة من الضلالة وبلوغ الراحة والفرج في الاخرة، فإن ملك الارض وسلطانها زائل، ولذاتها منقطعة، فمن اغتر بها هلك وافتضح، لو قد وقف على ديان الدين الذي لا يدين إلا بالحق، فإن الموت مقرون مع أجسادكم وهو يتراصد أرواحكم أن يكبكبها مع الاجساد. واعلموا أنه كما أن الطير لين يقدر على الحياة والنجاة من الاعداء من اليوم إلى غد هذه إلا بقوة من البصر والجناحين والرجلين، فكذلك الانسان لا يقدر على الحياة والنجاة إلا بالعمل والايمان وأعمال الخير الكاملة، فتفكر أيها الملك أنت والاشراف فيما تستمعون وافهموا واعتبروا، واعبروا البحر مادامت السفينة، واقطعوا المسافة مادام الدليل والظهر والزاد، واسلكوا سبيلكم مادام المصباح، ________________________________________