[420] بما وصف به نفسه، ولا تدرك الاوهام عظم ربوبيته، هو أعلى من ذلك وأجل وأعز وأعظم وأمنع وألطف، فتاح للعباد من علمه بما أحب، وأظهرهم من صفته على ما أراد، وأدلهم على معرفته ومعرفة ربوبيته بإحداث ما لم يكن، وإعدام ما أحدث. قال ابن الملك: وما الحجة ؟ قال: إذا رأيت شيئا مصنوعا غاب منك صانعه علمت بعقلك أن له صانعا، فكذلك السماء والارض وما بينهما، فأي حجة أقوى من ذلك. قال ابن الملك: فأخبرني أيها الحكيم أبقدر من الله عزوجل يصيب الناس ما يصيبهم من الاسقام والاوجاع والفقر والمكاره أو بغير قدر. قال بلوهر: لا بل بقدر، قال: فأخبرني عن أعمالهم السيئة، قال: إن الله عزوجل من سيئ أعمالهم برئ ولكنه عزوجل أوجب الثواب العظيم لمن أطاعه والعقاب الشديد لمن عصاه. قال: فأخبرني من أعدل الناس ومن أجورهم، ومن أكيسم ومن أحمقهم، ومن أشقاهم ومن أسعدهم ؟ قال: أعدلهم أنصفهم من نفسه وأجورهم من كان جوره عنده عدلا وعدل أهل العدل عنده جورا، وأما أكيسهم فمن أخذ لاخرته اهبتها (1)، وأحمقهم من كانت الدنيا همه، والخطايا عمله، وأسعدهم من ختم عاقبة عمله بخير، وأشقاهم من ختم له بما يسخط الله عزوجل. ثم قال: من دان الناس بما إن دين بمثله هلك فذلك المسخط لله، المخالف لما يحب، ومن دانهم بما إن دين بمثله صلح فذلك المطيع لله الموافق لما يحب المجتنب لسخطه، ثم قال: لا تستقبحن الحسن وإن كان في الفجار، ولا تستحسنن القبيح وإن كان في الابرار. ثم قال له: أخبرني أي الناس أولى بالسعادة ؟ وأيهم أولى بالشقاوة ؟ قال بلوهر: أولاهم بالسعادة المطيع لله عزوجل في أمره، والمجتنب لنواهيه، وأولاهم بالشقاوة العامل بمعصية الله، التارك لطاعته، المؤثر لشهوته على رضى الله ________________________________________ (1) الاهبة: العدة، يقال أخذ للسفر أهبته أي أسبابه. ________________________________________