[387] فأذم إليك أيها الملك الدنيا الاخذة ما تعطي، والمورثة بعد ذلك التبعة، السالبة لمن تكسو، والمورثة بعد ذلك العرى، المواضعة لمن ترفع، والمورثة بعد ذلك الجزع، التاركة لمن يعشقها، والمورثة بعد ذلك الشقوة، المغوية لمن أطاعها واغتر بها، الغدارة بمن ائتمنها وركن إليها، هي المركب القموص (1) والصاحب الخؤون، والطريق الزلق، والمهبط المهوي، هي المكرمة التي لا تكرم أحدا إلا أهانته، المحبوبة التي لا تحب أحدا، الملزومة التي لا تلزم أحدا، يوفى لها وتغدر، ويصدق لها وتكذب، وينجز لها وتخلف، هي المعوجة لمن استقام بها، المتلاعبة بمن استمكنت (2) منه، بينا هي تطعمه إذ حولته مأكولا، وبينا هي تخدمه إذ جعلته خادما، وبينا هي تضحكه إذ ضحكت منه، وبينا هي تشتمه إذ شتمت منه (3) وبينا هي تبكيه إذا بكت عليه، وبينا هي قد بسطت يده بالعطية إذ بسطتها بالمسألة، وبينا هو فيها عزيز إذ أذلته، وبينا هو فيها مكرم إذ أهانته، وبينا هو فيها معظم إذ صار محقورا، وبينا هو فيها رفيع إذ وضعته، وبينا هي له مطيعة إذ عصته، وبينا هو فيها مسرور إذ أخزنته، وبينا هو فيها شبعان إذ أجاعته، وبينا هو فيها حي إذ أماتته. فأف لها من دار إذ كان هذا فعالها، وهذه صفتها، تضع التاج على رأسه غدوة وتعفر خده بالتراب عشية، وتجعلها في الاغلال غدوة [تحلى الايدي بأسورة الذهب عشية، وتجعلها في الاغلال غدوة - خ ل] وتقعد الرجل على السرير غدوة، وترمي به في السجن عشية، تفرش له الديباج عشية، وتفرش له التراب غدوة، وتجمع له الملاهي والمعازف غدوة، وتجمع عليه النوائح والنوادب عشية تحبب إلى أهله قربه عشية وتحبب إليهم بعده غدوة، تطيب ريحه غدوة وتنتن ريحه عشية، فهو متوقع لسطواتها، غير ناج من فتنتها وبلائها، تمتع نفسه من ________________________________________ (1) القموص - على وزن چموش - وبمعناه. (2) في بعض النسخ " استمسكت ". (3) في بعض النسخ " وبينا هي تشمته إذا تشمت منه ". ________________________________________