[20] وأما حق السائل فاعطاؤه إذا تهبأت صدقه، وقدرت على سد حاجته والدعاء له فيما نزل به، والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة له لم تعزم على ذلك، ولم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك. وتركته بستره، ورددته ردا جميلا وإن غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه، فان ذلك من عزم الامور. وأما حق المسؤول إن أعطى فاقبل منه ما أعطى بالشكر له، والمعرفة لفضله، واطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن واعلم أنه إن منع ماله منع، وأن ليس التثريب في ماله وإن كان ظالما فان الانسان لظلوم كفار. وأما حق من سرك الله به وعلى يديه، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء، وأرصدت له المكافأة، وإن لم يكن تعمدها حمدت الله وشكرته، وعلمت أنه منه توحدك بها وأحببت هذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك، وترجو له بعد ذلك خيرا فان أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يتعمد ولا قوة إلا بالله. وأما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل، فان كان تعمدها كان العفو أولى بك، لما فيه له من القمع وحسن الادب، مع كبير أمثاله من الخلق فان الله يقول: " ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل " إلى قوله " من عزم الامور " (1) وقال عزوجل: " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وإن صبرتم لهو خير للصابرين " (2) هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون قد كافأته في تعمد على خطاء، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، ولا قوة إلا بالله. وأما حق أهل بيتك عامة فاضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم، وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك، فان إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه، وكفاك مؤنته، وحبس عنك نفسه، فعمهم ________________________________________ (1) الشورى: 40. (2) النحل: 126. ________________________________________