[16] وأما حق المنعم عليك بالولاء فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها وأطلقك من أسر الملكة وفك عنك حلق العبودية وأوجدك رائحة العز وأخرجك من سجن القهر، ودفع عنك العسر وبسط لك لسان الانصاف، وأباحك الدنيا كلها فملكك نفك وحل أسرك وفرغك لعبادة ربك واحتمل بذلك التقصير في ماله فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد اولي رحمك في حياتك وموتك وأحق الخلق بنصرك ومعونتك، ومكانفتك في ذات الله فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك أبدا. وأما حق مولاك الجارية عليه نعمتك فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه، وواقية وناصرا ومعقلا وجعله لك وسيلة وسببا بينك وبينه، فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثوابك منه في الاجل ويحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافاة لما أنفقته من مالك عليه وقمت به من حقه بعد إنفاق مالك، فان لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ولا قوة إلا بالله. وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه وتنشر به القالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله سبحانك فانك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم إن أمكنك مكافأته بالفعل كافأته وإلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها. وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكرك بربك وداعيك إلى حظك وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك وإن كنت في بيتك متهما لذلك لم تكن لله في أمره متهما، وعلمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال. ولا قوة إلا بالله. وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله والوفادة إلى ربك، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ودعا لك ولم تدع له، وطلب فيك ولم تطلب فيه، وكفاك هم المقام بين يدي الله والمسألة له فيك ولم تكفه ذلك فان كان في شئ من ذلك تقصير كان به دونك، وإن كان آثما لم تكن شريكه فيه، ولم ________________________________________