[307] فذلك هو العجب انتهى. والخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب، أي من ذنوب الجوارح، فان العجب ذنب القلب، وذلك أن الذنب يزول بالتوبة، ويكفر بالطاعات، والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها، ويفسد الطاعات ويهبطها عن درجة القبول، وللعجب آفات كثيرة، فانه يدعو إلى الكبر كما عرفت، ومفاسد الكبر ما عرفت بعضها وأيضا العجب يدعو إلى نيسان الذنوب، وإهمالها، فبعض ذنوبه لا يذكرها، ولا يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها فينساها، وما يتذكر منها فيستصغرها، فلا يجتهد في تداركها، وأما العبادات والاعمال فانه يستعظمها ويتبجح بها، ويمن على الله بفعلها، وينسى نعمة الله عليه، بالتوفيق والتمكين منها. ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها، ومن لم يتفقد آفات الاعمال كان أكثر سعيه ضائعا فان الاعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب، قلما ينفع وإنما يتفقد من يغلب عنه الاشفاق والخوف، دون العجب، والمعجب يغتر بنفسه وبربه، ويأمن مكر الله وعذابه، ويظن أنه عند الله بمكان، وأن له على الله منة، وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه، وعطية من عطاياه، ثم إن إعجابه بنفسه ورأيه وعمله وعقله، يمنعه من الاستفادة والاستشارة والسؤال، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه، وربما يعجب بالرأي الخطاء الذي خطر له فيصر عليه وآفات العجب أكثر من أن تحصى. 2 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن نضر ابن قرواش، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك ؟ فقال: مثلي يسأل عن عبادته ؟ وأنا أ عبد الله منذ كذا وكذا فقال: كيف بكاؤك ؟ قال: أبكي حتى تجري دموعي، فقال له العالم: فان ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل، وإن المدل لا يصعد من عمله شئ (1). ________________________________________ (1) الكافي ج 2 ص 313. [*] ________________________________________