[389] بالله وتقصيره من رجائه لله، وسوء خلقه، ومن اغتيابه للمؤمنين، والله لا يحسن عبد مؤمن ظنا بالله إلا كان الله عند ظنه به، لان الله عزوجل كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجائه، فأحسنوا الظن بالله، وارغبوا إليه وقد قال الله عزوجل: " الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء " (1). وروي أن داود عليه السلام قال: يا رب ما آمن بك من عرفك، فلم يحسن الظن بك. وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار فيلتفت فيقول: يا رب لم يكن هذا ظني بك، فيقول: ما كان ظنك بي ؟ قال: كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي وتسكني جنتك، فيقول الله عزوجل: يا ملائكتي وعزتي وجلالي وجودي وكرمي وارتفاعي في علوي ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط ولو ظن بي ساعة خيرا ماروعته بالنار، أجيزوا له كذبه، وأدخلوه الجنة. ثم قال العالم عليه السلام: قال الله عزوجل: ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عباداتهم كنه عبادتي فيما يظنونه (2) عندي من كرامتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ومن فضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن [بي] فليطمئنوا فان رحمتي عند ذلك تدركهم، ومنتي تبلغهم، ورضواني ومغفرتي يلبسهم، فاني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك سميت. وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام أن [اجعل] في الحبس رجلين من بني إسرائيل فحبسهما ثم أمره باطلاقهما قال: فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة، فقال له: ما الذي بلغ بك ما أرى منك ؟ قال: الخوف من الله، ونظر إلى الآخر لم يتشعب منه شئ فقال له: أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد وقد رأيت بلغ الامر بصاحبك وأنت لم يتغير ؟ فقال له الرجل: إنه كان ظني بالله جميلا حسنا فقال: يا رب قد سمعت مقالة عبديك فأيهما أفضل ؟ قال: ________________________________________ (1) الفتح: 6. (2) فيما يطلبونه خ. ________________________________________