[ 39 ] والعمل تضيعون !، يوشك رب العمل أن يطلب عمله، وتوشكون أن تخرجوا من الدنيا العريضة إلى ظلمة القبر وضيقه، الله نهاكم عن الخطايا كما أمركم بالصيام والصلاة، كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه، واحتقر منزلته، وقد علم أن ذلك من علم الله وقدرته ؟ وكيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له فليس يرضى شيئا أصابه ؟ كيف يكون من أهل العلم من دنياه عنده آثر (1) من آخرته وهو مقبل على دنياه، وما يضره أحب إليه مما ينفعه ؟ كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به ولا يطلب ليعمل به ؟. 67 - ومن كلامه عليه السلام ويل للعلماء السوء تصلى (2) عليهم النار. ثم قال: اشتدت مؤونة الدنيا ومؤونة الآخرة: أما مؤونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شئ منها إلا فاجر قد سبقك إليه، وأما مؤونة الآخرة فإنك لا تجد أعوانا يعينونك عليها. 68 - وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا (3). 69 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام - في كلام له خطبه على المنبر -: أيها الناس إذا علمتم فأعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون، إن العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ عن علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما حائر بائر (4) لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم، فتدهنوا (5) ولا تدهنوا في الحق فتخسروا (6)، وإن من الحق أن تفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، ________________________________________ (1) آثره إيثارا: اختاره، فضله. (2) صلى فلانا النار وفيها وعليها. أدخله إياها وأثواه فيها. (3) الحجر الصلد الضخم. (4) يقال: حائر وبائر. أي لا يطيع مرشدا ولا يتجه لشئ. (5) أي تخدعوا وتختلوا. (6) أي فتضلوا وتهلكوا. ________________________________________