[102] شريعة عيسى عامة ما كانوا عليه، وإن كان الذي جاء به النبيون من التوحيد وسائر الاصول باقيا لم يتغير، أو المعنى أدخله الله النار وإن كان منه الاقرار بما جاء به النبيون وهو التوحيد ونفي الشرك، وقوله " أن لا يشركوا " عطف بيان أو بدل للموصول، وعلى الوجهين يحتمل كون كان تامة وناقصة، وقيل: الموصول اسم كان وأن لا يشركوا خبره، وله أيضا وجه وإن كان بعيدا. قوله عليه السلام: " عشر سنين " أقول: هذا مخالف لما مر في تاريخ النبي صلى الله عليه وآله ولما هو المشهور من أنه صلى الله عليه وآله أقام بعد البعثة بمكة ثلاث عشرة سنة فقيل: هو مبني على إسقاط الكسور بين العددين وهو بعيد في مثل هذا الكسر والذي سنح لي أنه مبني على ما يظهر من الاخبار أنه لما نزل " وأنذر عشيرتك الاقربين " (1) وكان أول بعثته دعا بني عبد المطلب وأظهر لهم رسالته، ودعاهم إلى بيعته، والايمان به، فلم يؤمن به إلا علي عليه السلام ثم خديجة رضي الله عنها، ثم جعفر رضي الله عنه، وكان على ذلك ثلاث سنين حتى نزل " فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين " (2) فدعا الناس إلى الاسلام فلذا لم يعد عليه السلام تلك الثلاث سنين من أيام البعثة لانها لم تكن بعثة عامة مؤكدة، وقد مرت الاخبار في المجلد الثالث (3) في ذلك ويحتمل أن يكون مبنيا على إسقاط سني الهجرة إلى شعب أبي طالب أو إسقاط الثلاث سنين بعد وفاة أبي طالب رضي الله عنه لعدم تمكنه في هاتين المدتين من التبليغ كما ينبغي، لكنهما بعيدان، والاظهر ما ذكرنا أولا. قوله عليه السلام: " يشهد أن لا إله إلا الله " الظاهر أن المراد به الشهادة القلبية بالتوحيد والرسالة وما يلزمهما فقط، أو مع الاقرار باللسان أو عدم الانكار الظاهري لا مجرد الاقرار باللسان، بقرينة قوله " وهو إيمان التصديق " وقد عرفت أن الايمان الظاهري فقط لا ينفع في الاخرة وإن احتمل التعميم ويكون قوله " إلا من أشرك بالرحمن " أي قلبا استثناء منه فيرجع إلى ما ذكرنا أولا، وعلى الاول ________________________________________ (1) الشعراء: 214. (2) الحجر: 94. (3) يعنى كتاب المرآت. (*) ________________________________________