[82] وشقوة، وجنة ونار، لن يجتمع الحق والباطل في قلب امرء قال الله تعالى: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " (1). وإنما هلك الناس حين ساووا بين أئمة الهدى وبين أئمة الكفر، وقالوا: إن الطاعة مفروضة لكل من قام مقام النبي صلى الله عليه وآله برا كان أو فاجرا، فاتوا من قبل ذلك (2) قال الله سبحانه: " أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون " (3) وقال الله تعالى: " هل يستوي الاعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور " (4) فقال: فيمن سموهم من أئمة الكفر بأسماء أئمة الهدى ممن غصب أهل الحق ما جعله الله لهم، وفيمن أعان أئمة الضلال على ظلمهم " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " (5) فأخبرهم الله سبحانه بعظيم افترائهم على جملة أهل الايمان بقوله تعالى " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " (6) وقوله تعالى: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله " (7) وبقوله سبحانه: " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون " (8) وبقوله تعالى: " أفمن كان على بينة من ربه كمن هو أعمى " (9) فبين الله عزوجل بين الحق والباطل في كثير من آيات القرآن، ولم يجعل للعباد عذرا في مخالفة أمره بعد البيان والبرهان، ولم يتركهم في لبس من أمرهم، ولقد ركب القوم الظلم والكفر ________________________________________ (1) الاحزاب: 4. (2) أي أتى هلاكهم من قبل ذلك، يقال: اتى - كعنى - فلان من مأمنه: أي جاءه الهلاك من جهة أمنه. (3) القلم: 35. (4): الرعد 16. (5) الاعراف: 71. (6) النحل: 105. (7) القصص: 50. (8) السجدة: 18. (9) صدر الاية في سورة القتال: 14 ونصها: " أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوائهم " وذيله في سورة الرعد: 19 ونصها: أفمن يعلم أنما انزل اليك من ربك الحق كمن هو أعمى انما يتذكر اولوا الالباب " والظاهر أن ما بينهما سقط من النسخ. ________________________________________