[38] يسمى ذكرا " ألا بذكر الله " الخ هذا حث للعباد على تسكين القلب إلى ما وعد الله به من النعيم والثواب انتهى (1) وكأن استدلاله عليه السلام بالاية مبني على أن المراد بذكر الله العقائد الايمانية، والدلائل المفضية إليها إذ بها تطمئن القلب من الشك والاضطراب ويؤيده قوله في الاية السابقة " وقلبه مطمئن بالايمان ". قوله " الذين آمنوا بأفواههم " كأنه نقل لمضمون الاية إن لم يكن من النساخ أو الرواة، وفي المائدة هكذا: " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " وفي رواية النعماني " الذين قالوا آمنا بأفواههم " (2) وهو أظهر. قوله سبحانه " إن تبدوا ما في أنفسكم " (3) قال الطبرسي رحمه الله: أي تظهروها وتعلنوها من الطاعة والمعصية، أو العقائد " أو تخفوه " أي تكتموه " يحاسبكم به الله " أي يعلم الله ذلك فيجازيكم عليه، وقيل: معناه إن تظهروا الشهادة أو تكتموها وأن الله يعلم ذلك ويجازيكم به عن ابن عباس وجماعة، وقيل: إنها عامة في الاحكام التي تقدم ذكرها في السورة، خوفهم الله تعالى من العمل بخلافها. وقال قوم: إن هذه الاية منسوخة بقوله " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (4) ورووا في ذلك خبرا ضعيفا، وهذا لا يصح لان تكليف ما ليس في الوسع غير جائز، فكيف ينسخ وإنما المراد بالاية ما يتناوله الامر والنهي من الاعتقادات والارادات وغير ذلك مما هو مستورعنا، وأما مالا يدخل في التكليف من الوساوس والهواجس مما لا يمكن التحفظ عنه من الخواطر فخارج عنه لدلالة العقل، و لقوله عليه السلام " يعفى لهذه الامة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها " وعلى هذا يجوز أن تكون الاية الثانية بينت الاولى وأزالت توهم من صرف ذلك إلى غير وجه المراد، وظن أن ما يخطر بالبال أو تتحدث به النفس مما لا يتعلق بالتكليف، فان الله يؤاخذ به، والامر بخلاف ذلك " فيغفر لمن يشاء " منهم رحمة وتفضلا " ويعذب من ________________________________________ (1) مجمع البيان ج 6 ص 291. (2) كما سيجئ تحت الرقم 29. (3) البقرة: 284. (4) البقرة: 286. ________________________________________