[367] السر والعلانية، لا يهجر أخاه، ولا يغتابه، ولا يمكر به، ولا يأسف على ما فاته ولا يحزن على ما أصابه، ولا يرجو مالا يجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدة، ولا يبطر في الرخاء. يمزج الحلم بالعلم، والعقل بالصبر، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقعا لاجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه، قانعة نفسه، منفيا جهله، سهلا أمره، حزينا لذنبه، ميتة شهوته، كظوما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالذي قدر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم، لا ينصت للخير ليفخر به (1) ولا يتكلم ليتجر به على من سواه. نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لاخرته، فأراح الناس من نفسه، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله الذي ينتصر له، بعده ممن تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، وليس تباعده تكبرا، ولا عظمة ولا دنوه خديعة ولا خلابة، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن بعده من أهل البر. قال: فصاح همام صيحة ثم وقع مغشيا عليه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما والله لقد كنت أخافها عليه وقال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها. فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: إن لكل أجلا لن يعدوه وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فانما نفث على لسانك شيطان (2). بيان: سيأتي (3) رواية همام نقلا عن نهج البلاغة ومجالس الصدوق باختلاف كثير، وفيه أنه قال: صف لي المتقين ويمكن أن يكون سأل عن صفات المؤمنين ________________________________________ (1) لا ينصب للخير ليفجر به. خ. (2) الكافي ج 2 ص 226 - 330. (3) بل قد مر تحت الرقم 50 والظاهر أن المصنف رضوان الله عليه بعد ما أخرج حديث الكافي هذا وفسر لغاته ومضامينه، أراد أن يلحق حديث الهمام من النهج والامالي بعد ذلك مع ما كتب رحمه الله في تفسير لغاته فاشتبه على النساخ وألحقوه قبل ذلك، فلا يخلو الباب عن تكرار. ________________________________________