[339] إسناد (1) هذه الخواطر إلى الله تعالى. واعلم أن الثنوية يقولون: للعالم إلهان: أحدهما خير وعسكره الملائكة والثاني شر (2) وعسكره الشياطين، وهما يتنازعان أبدا، وكل (3) شئ في هذا العالم فلكل واحد منهما تعلق به، فالخواطر الداعية إلى أعمال الخير إنما حصلت من عساكر الله والخواطر الداعية إلى أعمال الشر إنما حصلت من عساكر الشيطان، واعلم أن القول باثبات إلهين قول باطل على ما ثبت فساده بالدلائل، فهذا منتهى القول في هذا الباب. المسألة الثانية عشر: من الناس من أثبت لهذه الشياطين قدرة على الاحياء وعلى الاماتة وعلى خلق الاجسام وعلى تغيير الاشخاص عن صورتها الاصلية وخلقتها الاولوية (4) ومنهم من أنكر هذه الاحوال وقال: إنه لا قدرة لها على شئ من هذه الاحوال، وأما أصحابنا فقد أقاموا الدلالة على أن القدرة على الايجاد والتكوين والاحداث ليست إلا لله، فبطلت هذه المذاهب كلها بالكلية، وأما المعتزلة فقد سلموا أن الانسان قادر على إيجاد بعض الحوادث، فلا جرم صاروا محتاجين إلى بيان أن هذه الشياطين لا قدرة لها على خلق الاجسام والحياة، ودليلهم هو أن قالوا الشيطان جسم، وكل جسم فانه قادر بالقدرة، والقدرة التي لنا لا تحصل لايجاد الاجسام، فهذه مقدمات ثلاث، فالمقدمة الاولى أن الشيطان جسم، فقد بنوا هذه المقدمة على أن ما سوى الله إما متحيز وإما حال في المتحيز، وليس لهم في إثبات هذه المقدمة شبهة فضلا عن حجة. وأما المقدمة الثانية وهى قولهم: الجسم إنما يكون قادرا بالقدرة، فقد بنوا ________________________________________ (1) في النسخة المخطوطة: [من نسبة انشاء هذه الخواطر] وفى المصدر: من اسناد هذه الخواطر. (2) المصدر: شرير. (3) في المصدر: [كل] بلا عاطف. (4) في المصدر: الاولية. ________________________________________