[334] كان القلب غافلا عنها، فالخواطر هي المحركات للارادات، والارادات محركة للأعضاء ثم إن هذه الخواطر المحركة لهذه الارادات تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر، أعني إلى ما يضر في العاقبة إلى الخير أعني ما ينفع في العاقبة، فهما خاطران مختلفان فافتقر إلى اسمين مختلفين، فالخاطر المحمود يسمى إلهاما، والمذموم يسمى وسواسا، ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر أحوال حادثة فلا بد لها من سبب، والتسلسل محال، فلا بد من انتهاء الكل إلى واجب الوجود، هذا مخلص كلام الغزالي، وقد حذفنا التطويل منه (1). المسألة العاشرة: في تحقيق الكلام فيما ذكره الغزالي، واعلم أن هذا الرجل دار حول المقصود إلا أنه لا يحصل الغرض إلا من بعد مزيد التنقيح فنقول: لا بد قبل الخوض في المقصود من تقديم مقدمات، فالمقدمة الأولى لا شك أن ههنا مطلوبا ومهروبا وكل مطلوب فاما أن يكون مطلوبا لذاته أو لغيره ولا يجوز أن يكون كل مطلوب مطلوبا لغيره وأن يكون كل مهروب مهروبا عنه لغيره وإلا لزم إما الدور وإما التسلسل، وهما محالان، فثبت أنه لابد من الاعتراف بوجود شئ يكون مطلوبا لذاته ووجود (2) شئ يكون مهروبا عنه لذاته. والمقدمة الثانية: أن الاستقراء يدل على أن المطلوب بالذات هو اللذة والسرور والمطلوب بالتبع ما يكون وسيلة إليهما، والمهروب عنه بالذات هو الألم والحزن، و المهروب عنه بالتبع ما يكون وسيلة إليهما. والمقدمة الثالثة: أن اللذيد عند كل قوة من القوى النفسانية شئ آخر فاللذيد عند القوة الباصرة شئ واللذيد عند القوة السامعة شئ آخر، واللذيد عند القوة الشهوانية شئ ثالث، واللذيد عند القوة الغضبية شئ رابع، واللذيد عند القوة العاقلة شئ خامس. ________________________________________ (1) في المصدر: بعد حذف التطويلات منه. (2) في المصدر: وبوجود شئ. (*) ________________________________________