[2] الاول قوة الحس والحركة، وفي الثاني قوة الحياة، وفي الثالث قوة التغذية، والثلاثة ضرورية لبقاء الشخص، وفي الرابع قوة التوليد وحفظ النسل المحتاج إليه في بقاء النوع، وبه يتم الهيئة والمزاج الذكورى والانوثي اللذين (1) هما من العوارض اللازمة لانواع الحيوان. وكل من الثلاثة الاول مشتبك بالآخر محتاج إليه: إذ لولا الكبد وإهداره لسائر الاعضاء بالغذاء لا نحلت وانفشت، ولولا ما يتصل بالكبد من حرارة القلب لم يبق له جوهره الذي به يتم فعله، ولولا تسخن الدماغ بالشرايين وإغذاء الكبد بالعروق الصاعدة إليه لم يدم له طباعه الذي يكون به فعله، ولولا تحريك الدماغ لعضل الصدر لم يكن التنفس ولم يبق للقلب جوهره الذي منه تنبعث الحرارة الغريزية في أبداننا، ولكن الرئيس المطلق هو القلب، وهو أول ما يتكون في الحيوان، ومنه يسري الروح الذى هو محل الحس والحركة إلى الدماغ، ثم يسري منه إلى سائر الاعضاء، ومنه أيضا يسري الروح الذي هو مبدأ التغدية (2) والنمو إلى الكبد، ثم يسري منه إلى سائر الاعضاء. فتبارك الله أحسن الخالقين. ثم اعلم أن العظام أنواع: من طويل وقصير وعريض ودقيق ومصمت ومجوف على حسب اختلاف المصالح والحكم. فمنها ما قياسه من البدن قياس الاساس وعليه مبناه، ومنها ما قياسه المجن والوقاية، ومنها ما هو كالسلاح الذي يدفع به المصادم، ومنها ما هو حشوبين فرج المفاصل، ومنها ما هو متعلق العضلات المحتاجة إلى علاقة. وجملة العظام دعامة وقوام للبدن ولهذا خلقت صلبة. ثم مالا منفعة فيه سوى هذه خلق مصمتا وإن كان فيه المسام والخلل والتي لابد منها. وما يحتاج إليه لاجل الحركة أيضا فقد زيد في تجويفه وجعل تجويفه في الوسط واحدا ليكون ________________________________________ (1) كذا، والصواب " اللذان ". (2) التغذى (خ). ________________________________________