[5] إلى حال، وفي التبديل من نقصان إلى كمال، والتغير والتبدل من أمارات الحدوث. فقوله " قل الروح من أمر ربي " يدل على أنهم سألوا أن الروح هل هي حادثة أم لا ؟ فأجاب بأنها حادثة واقعة بتخليق الله وتكوينه، ثم استدل على حدوث الارواح بتغيرها من حال إلى حال، فهذا ما نقوله في هذا الباب، والله أعلم بالصواب (1). اقول: ثم ذكر الاقوال الاخرى في تفسير الروح في هذه الآية فمنها أنه القرآن كما مر، ومنها أنه ملك من الملائكة هو أعظمهم قدرا وقوة، وهو المراد من قوله تعالى: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا " (2)، ونقلوا عن علي عليه السلام أنه قال: هو ملك له سبعون ألف وجه، ولكل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها، ويخلق الله من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة. قالوا: ولم يخلق الله خلقا أعظم من الروح غير العرش، ولو شاء الله يبتلع السماوات السبع والارضين السبع بلقمة واحدة. ثم اعترض على هذا الوجه و على الرواية بوجوه سخيفة، ثم ذكر من الوجوه أنه جبرئيل عليه السلام، ووجها رابعا عن مجاهد: أنه خلق ليسوا بالملائكة على صورة بنى آدم، يأكلون ولهم أيد وأرجل و رؤوس، وقال أبو صالح: يشبهون الناس وليسوا بالناس، ولم أجد في القرآن ولا في الاخبار الصحيحة شيئا يمكن التمسك به في إثبات هذا القول. ثم قال في شرح مذاهب الناس في حقيقة الانسان: اعلم أن العلم الضرورى حاصل بأن ههنا شيئا إليه يشير الانسان بقوله " أنا " وإذا قال الانسان " علمت وفهمت وأبصرت وسمعت وذقت وشممت ولمست وغضبت " فالمشار إليه لكل أحد بقوله " أنا " إما أن يكون جسما أو عرضا، أو مجموع الجسم والعرض، أو ما تركب (3) من الجسم و العرض، وذلك الشئ الثالث، فهذا ضبط معقول. أما القسم الاول وهو أن يقال: الانسان جسم، فذلك الجسم إما أن يكون هو هذه البنية، أو جسما داخلا في هذه ________________________________________ (1) مفاتيح الغيب: ج 21، ص 37 - 38 (ملخصا). (2) النبأ: 38. (3) في المصدر: أو شيئا مغائرا للجسم والعرض أو من ذلك الشئ الثالث. ________________________________________