[2] الجواب لازدادوا عنادا وقيل: إن اليهود قالت لقريش (1): سلوا محمدا عن الروح، فإن أجابكم فليس بنبي، وإن لم يجبكم فهو نبي، فإنا نجد في كتبنا ذلك، فأمر الله سبحانه بالعدول عن جوابهم، وأن يكلمهم (2) في معرفة الروح إلى ما في عقولهم، ليكون ذلك علما على صدقه ودلالة لنبوته. وثانيها: أنهم سألوه عن الروح: أهي مخلوقة محدثة أم ليست كذلك ؟ فقال سبحانه " قل الروح من أمر ربي " أي من فعله وخلقه، وكان هذا جوابا لهم عما سألوه عنه بعينه. وعلى هذا فيجوز أن يكون الروح الذي سألوه عنه هو الذي به قوام الجسد على قول ابن عباس وغيره، أم جبرئيل على قول الحسن وقتادة، أم ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان، يسبح الله تعالى بجميع ذلك على ما روي عن على عليه السلام، أم عيسى عليه السلام فإنه سمي بالروح. وثالثها: أن المشركين سألوه عن الروح الذي هو القرآن كيف يلقاك به الملك ؟ وكيف صار معجزا ؟ وكيف صار نظمه وترتيبه مخالفا لانواع كلامنا من الخطب و الاشعار ؟ وقد سمى الله سبحانه القرآن روحا في قوله " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا (3) " فقال سبحانه: قل يا محمد إن الروح الذي هو القرآن من أمر ربي، أنزله علي دلالة على نبوتي، وليس من فعل المخلوقين، ولا مما يدخل في إمكانهم. وعلى هذا فقد وقع الجواب أيضا موقعه، وأما على القول الاول فيكون معنى قوله " الروح من أمر ربي " هو الامر الذي يعلمه ربي ولم يطلع عليه أحدا. واختلف العلماء في مهية الروح، فقيل: إنه جسم رقيق هوائي متردد في مخارق الحيوان، وهو مذهب أكثر المتكلمين، واختاره المرتضى - قدس الله روحه -. وقيل: هو جسم هوائي على بنية حيوانية في كل جزء منه حياة، عن علي بن عيسى، قال: فلكل حيوان روح وبدن، إلا أن منهم من الاغلب عليه الروح، ومنهم من الاغلب ________________________________________ (1) في المجمع: لكفار قريش (2) فيه: ويكلهم. (3) الشورى: 52. ________________________________________