[390] وقال الشيخ: أنا أرى أن المني ليس يجب أن يكون من الدماغ وحده، و إن كانت خميرته منه، وصح ما يقوله بقراط من أمر العرقين، بل يجب أن يكون له من كل عضو رئيس عين، ومن الاعضاء الاخرى ترشح أيضا إلى هذه الاصول. وقال القرشي في شرح القانون: إنما يكون تولد المني من الرطوبة المبثوثة على الاعضاء كالطل، ومعلوم أنه ليس في كل عضو من الاعضاء مجرى يسيل فيه ما هناك من تلك الرطوبة إلى الانثيين ثم إلى القضيب، فلا يمكن أن يكون وصولها إلى هناك إلا بأن تتبخر تلك الرطوبة من الاعضاء حتى تتصعد إلى الدماغ، وهناك تفارقها الحرارة المتبخرة فتبرد وتتكاثف وتعود إلى قوامها قبل التبخر، ثم من هناك ينزل إلى العروق التي خلف الاذنين وينفذ إلى النخاع في عروق هناك لئلا يتغير عن التعدل الذي أفاده الدماغ، فلا يتبخر بالحرارة كرة اخرى، فإذا نزلت من هناك حتى وصلت إلى قرب الانثيين صادف هناك عروقا واصلة من الكليتين إلى الانثيين، وتلك العروق مملوءة من الدم، فتتسخن في الكليتين وتعدل، فيحيله ذلك النازل من الدماغ إلى مشابهه بعض الاستحالة، ثم بعد ذلك ينفذ إلى الانثيين ويكمل فيهما تعدله و بياضه ونضجه، ومنهما يندفع إلى أوعيته. وأيد ذلك بما نقل من كتاب منسوب إلى هرمس في سر الخليقة قد فسره بليناس وهو أن المني إذا خرج من معادنه عند الجماع ائتلف بعضه إلى بعض وسما إلى الدماغ وأخذ الصورة منه، ثم نزل في الذكر وخرج منه. وقال شارح الاسباب: مادة المني يأتي من الكبد إلى الكليتين في شعب من الاجوف النازل، ويتصفى فيهما من المائية، ثم منهما إلى المجرى الذي بينهما و بين الانثيين، وهو عرق كثير المعاطف والاستدارات ليطول المسافة بينهما فينضج فيه المني ويبيض بعد احمراره، ثم منه إلى الانثيين، فهما يعينان على تمام تكون المني بإسخانها الدم النافذ في هذه العروق (انتهى). وقالوا: ونبت من الانثيين وعاءان مثل البربخين شبيهين بجوهر الانثيين يصعدان أولا إلى العانة وإلى معلق البيضتين، ثم ينزلان متوربين إلى عنق المثانة أسفل من ________________________________________