[ 86 ] يقول الله: طوبى لمن دخلك. " ورضوان من الله أكبر " رفع على الابتداء، أي ورضى الله تعالى عنهم أكبر من ذلك كله، قال الجبائي: إنما صار الرضوان أكبر من الثواب لانه لا يوجد منه شئ إلا بالرضوان وهو الداعي إليه الموجب له، وقال الحسن: لان ما يصل إلى القلب من السرور برضوان الله أكبر من جميع ذلك " ذلك الفوز العظيم " أي ذلك النعيم الذي وصفت هو النجاح العظيم الذي لا شئ أعظم منه. وفي قوله تعالى: " يهديهم ربهم بإيمانهم " أي إلى الجنة " تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم " أي تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو، وقيل: معناه من تحت بساتينهم وأسرتهم وقصورهم، وقوله: " بإيمانهم " يعني جزاء علي إيمانهم " دعويهم فيها " أي دعاء المؤمنين في الجنة وذكرهم فيها أن يقولوا: " سبحانك اللهم يقولون ذلك لا على وجه العبادة، لانه ليس هناك تكليف، بل يلتذون بالتسبيح، وقيل: إنهم إذا مر بهم الطير في الهواء ويشتهونه قالوا: " سبحانك اللهم " فيأتيهم الطير فيقع مشويا بين أيديهم، وإذا قضوا منه الشهوة قالوا: " الحمد لله رب العالمين " فيطير الطير حيا كما كان، فيكون مفتتح كلامهم في كل شئ التسبيح، ومختتم كلامهم التحميد، ويكون التسبيح في الجنة بدل التسمية في الدنيا، عن ابن جريح " وتحيتهم فيها سلام " (1) أي تحيتهم من الله سبحانه في الجنة سلام، وقيل: معناه: تحية بعضهم لبعض فيها أو تحية الملائكه لهم فيها سلام، يقولون: سلام عليكم أي سلمتم من الآفات والمكاره التي ابتلى بها أهل النار " آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " أي يجعلون هذا آخر كلامهم في كل ما ذكروه. وفي قوله سبحانه: " وأخبتوا إلى ربهم " أي أنابوا وتضرعوا إليه، وقيل: أي اطمأنوا إلى ذكره، وقيل خضعوا له وخشعوا إليه، والكل متقارب. وقال البيضاوي في قوله تعالى: " ويدرؤن بالحسنة السيئة ": أي يدفعونها ________________________________________ [ 1 ] قال الرضى: هذه استعارة على بعض الاقوال، كان المعنى أن بشراهم بالسلام من المخاوف عند دخول الجنة فجعل مكان التحية لهم لان لكل دارا تحية يلقى بها ويؤنس بسماعها، والسلام ههنا من السلامة لا من التسليم. راجع تلخيص البيان في مجازات القرآن ص 68. ________________________________________