[26] " وما يستوي البحران " ضرب مثل للمؤمن والكافر، والفرات: الذي يكسر العطش، والسائع: الذي يسهل انحداره، والاجاج: الذي يحرق بملوحته " ومن كل تأكلون " استطراد في صفة البحرين وما فيهما، أو تمام التمثيل، والمعنى: كما أنهما وإن اشتر كا في بعض الفوائد لا يتساويان من حيث إنهما لا يتساويان في ما هو المقصود بالذات من الماء، فإنه خالط أحدهما ما أفسده وغيره عن كمال فطرته لا يساوي المؤمن والكافر وإن اتفق اشتراكهما في بعض الصفات كالشجاعة والسخاوة لاختلافهما في ما هو الخاصية العظمى وبقاء أحدهما على الفطرة الاصلية دون الآخر، أو تفضيل للاجاج على الكافر بما يشارك العذب من المنافع، والمراد بالحلية اللآلي واليواقيت. " ومن آياته الجوار في البحر " قرأ نافع وأبو عمرو " الجواري " بياء في الوصل والوقف، والباقون بحذفها على التخفيف " كالاعلام " أي كالجبال، فهذه السفن العظيمة التي تكون كأنها الجبال تجري على وجه الماء عند هبوب الرياح على أسرع الوجوه وعند سكونها تقف، ففيه دلالة على وجود الصانع المسبب لتلك الاسباب وقدرته الكاملة وحكمته التامة، لانه تعالى خص كل جانب من جوانب الارض بنوع من الامتعة وإذا نقل متاع هذا الجانب إلى ذلك الجانب في السفن وبالعكس حصلت المنافع العظيمة في التجارة. " فيظللن رواكد " أي فيبقين ثوابت " على ظهره " أي ظهر البحر. " لكل صبار " أي لكل من وكل همته وحبس نفسه على النظر في آيات الله والتفكر في آلائه، أو لكل مؤمن كامل، فإنه روي أن الايمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر. " أو يوبقهن " أي يهلكهن بإرسال الريح العاصفة المغرفة، والمراد إهلاك أهلها لقوله " بما كسبوا " وأصله: أو يرسلها فيوبقهن لانه قسيم " يسكن الريح " فاقتصر فيه على المقصود، كما في قوله " ويعف عن كثير " إذ المعنى: أو يرسلها عاصفة فيوبق ناسا بذنوبهم وينجي ناسا على العفو منهم، وقرئ " يعفو " على الاستئناف. " ويعلم الذين يجادلون في آياتنا " عطف على علة مقدرة، مثل: لينتقم منهم ويعلم... أو على الجزاء ونصب نصب الواقع جوابا للاشياء الستة لانه أيضا غير واجب، وقرأ نافع وابن عامر بالرفع على الاستئناف، وقرئ بالجزم عطفا على " يعف " فيكون ________________________________________