[365] ينقبض، وحينئذ تحصل منه الاقسام المذكورة. والجواب: أنا لما دللنا على حدوث الاجسام وتوسلنا بذلك إلى كونه سبحانه قادرا مختارا يمكنه إيجاد الاجسام لم يمكنا القطع بما ذكرتموه، لاحتمال أنه سبحانه خلق أجزاء السحاب دفعة لا بالطريق الذي ذكرتموه، وأيضا فهب أن الامر كما ذكرتم ولكن الاجسام بالاتفاق ممكنة في ذواتها ولابد لها من مؤثر ثم إنها متماثلة فاختصاص كل واحد منها بصفته المعينة من الصعود والهبوط و اللطافة والكثافة والحرارة والبرودة لابد له من مخصص، فإذا كان هو سبحانه خالقا لتلك الطبائع، وتلك الطبائع مؤثرة في هذه الاحوال، وخالق السبب خالق المسبب، فكان سبحانه هو الذي يزجي سحابا، لانه هو الذي خلق تلك الطبائع المحركة لتلك الابخرة من باطن الارض إلى جو الهواء، ثم تلك الابخرة ترادفت في صعودها والتصق بعضها بالبعض، فهو سبحانه هو الذي جعله ركاما، فثبت أنه على جميع التقديرات وجه الاستدلال بهذه الاشياء على القدرة والحكمة ظاهر بين (1) (انتهى). " فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء " الضميران للبرد والاصابة بإهلاك الزرع والمال، وقد يهلك الانفس أيضا " يكاد سنابرقه " أي يقرب ضوء برق السحاب أن " يذهب بالابصار " أبصار الناظرين إليه من فرط الاضاءة " يقلب الله الليل والنهار " بالمعاقبة بينهما أو بنقص أحدهما وزيادة الآخر، أو بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور، أو ما يعم ذلك " إن في ذلك " أي في ما تقدم ذكره " لعبرة لاولي الابصار " أي لاولي البصائر والعقول: لدلالته على وجود الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيته وتنزهه عن الحاجة وما يفضي إليها لمن يرجع إلى بصيرة. " بشرا " قرأ عاصم بالباء المضمومة، أي مبشرات جمع بشور، وابن عامر بالنون والسكون، أي ناشرات للسحاب، والكسائي بفتح النون مصدرا " بين ________________________________________ (1) مفاتيح الغيب: ج 6، ص 419. (*) ________________________________________