[354] المعاني أيضا عجيب وعن السدي أنه تعالى يرسل الرياح فيأتي بالسحاب، ثم إنه تعالى يبسطه في السماء كيف يشاء، ثم يفتح أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب، ثم يمطر السحاب بعد ذلك، ورحمته هو المطر. إذا عرفت هذا فنقول: اختلاف الرياح في الصفات المذكورة مع أن طبيعة الهواء واحدة وتأثيرات الطبائع والانجم والافلاك واحدة تدل على أن هذه الاحوال لم تحصل إلا بتدبير الفاعل المختار سبحانه وتعالى. ثم قال تعالى " سقناه لبلد ميت " والمعنى أنا نسوق ذلك السحاب إلى بلد ميت لم ينزل فيه غيث ولا تنبت فيه خضرة، والسحاب لفظه مذكر، وهو جمع " سحابة " فيجوز فيه التذكير والتأنيث، فلذا أتى بهما في الآية، واللام في قوله " لبلد " إما بمعنى إلى، أو المعنى سقناه لاجل بلد ميت ليس فيه حب نسقيه، والضمير في قوله " به " إما راجع إلى البلد، أو إلى السحاب، وفي قوله " أخرجنا به " عائد إلى الماء، وقيل: إلى البلد وعلى القول الاول فالله تعالى إنما يخلق الثمرات بواسطة الماء. وقال أكثر المتكلمين: إن الثمار غير متولدة من الماء، بل الله تعالى أجرى عادته بخلق النبات ابتداء عقيب اختلاط الماء بالتراب. وقال جمهور الحكماء: لا يمتنع أن يقال: إنه تعالى أودع في الماء قوة وطبيعة، ثم إن تلك القوة والطبيعة توجبان حدوث الاحوال المخصوصة. والمتكلمون احتجوا على فساد هذا القول بأن طبيعة الماء والتراب واحدة، ثم إنا نرى أنه يتولد في النبات الواحد الاحوال المختلفة مثل العنب، فإن قشره بارد يابس، ولحمه وماؤه حار رطب، وعجمه بارد يابس، فتولد الاجسام الموصوفة بالصفات المختلفة من الماء والتراب يدل على أنها إنما حدثت بإحداث الفاعل المختار لا بالطبع والخاصية (1) (انتهى). " خوفا وطمعا " قال الزمخشري: في انتصابهما وجوه: الاول أنه لا يصح أن يكونا مفعولا لهما، لانهما ليسا بفاعل الفعل المعلل به إلا على تقدير حذف المضاف، أي إرادة خوف وطمع، أو على معنى: إخافة وإطماعا الثاني يجوز أن ________________________________________ (1) مفاتيح الغيب: ج 4، ص 355. ________________________________________