[352] فساد قولهم. قال: فثبت بهذه الوجوه أنه ليس تولد المطر من بخار الارض. ثم قال: والقوم إنما احتاجوا إلى هذا القول لانهم اعتقدوا أن الاجسام قديمة، وإذا كان الامر كذلك امتنع دخول الزيادة والنقصان فيها، وحينئذ لا معنى لحدوث الحوادث إلا اتصاف تلك الذوات (1) بصفة بعد أن كانت موصوفة بصفات أخرى فلهذا السبب احتالوا في تكوين كل شئ عن مادة معينة. وأما المسلمون فلما اعتقدوا أن الاجسام محدثة وأن خالق العالم فاعل مختار قادر على خلق الاجسام كيف شاء وأراد فعند هذا لا حاجة إلى استخراج هذه التكلفات فثبت أن ظاهر القرآن يدل على أن الماء إنما ينزل من السماء، ولا دليل على امتناع هذا الظاهر، فوجب القول بحمله على ظاهره فثبت أن الحق سبحانه ينزل المطر من السماء بمعنى أنه يخلق هذه الاجسام في السماء، ثم ينزلها إلى السحاب ثم من السحاب إلى الارض. والقول الثاني: المراد: أنزل من جانب المساء ماء. القول الثالث: أنزل من السحاب ماء، وسمى الله السحاب سماء لان العرب تسمي كل ما فوقك سماء، كسماء البيت. ثم قال: نقل الواحدي في البسيط عن ابن عباس: يريد بالماء ههنا المطر (2). أقول: ورجح في موضع آخر نزول المطر من السحاب، قال لان الانسان ربما كان واقفا على قلة جبل عال ويرى الغيم أسفل، فإذا نزل من ذلك الجبل يرى ذلك الغيم ماطرا عليهم، وإذا كان هذا الامر مشاهدا بالبصر كان النزاع فيه باطلا، ولا ينزل نقطة من المطر إلا ومعها ملك. والفلاسفة يحملون ذلك الملك على الطبيعة الحالة في تلك الجسمية الموجبة لذلك النزول (3) (انتهى). " وهو الذي يرسل الرياح بشرا " منهم من قرأ " نشرا " بضم النون والشين. ________________________________________ (1) في المصدر: الذرات. (2) مفاتيح الغيب: ج 4، ص 153. (3) مفاتيح الغيب ج 4 ص 154. ________________________________________