[4] وكان هذا الكتاب مع سعته وطوله وثقل حجمه وكثرة أجزائه مرغوبا متداولا، وقد طبع جميع مجلداته وأحسن الطبعات هي المشهورة بطبع الكمباني مشتملة على جميع أجزاء الكتاب إذ تصدى لتصحيحها ومقابلتها جماعة من أعاظم علماء وقته من الماهرين في الأدب والحديث المتتبعين للكتب بعناية تامة، إلا أن الزمان طال عليها، وفقدت نسخه في زماننا مع كثرة طالبيه، وزاد قيمتها على طاقة المستفيدين، وربما اجتهد أحدهم في الطلب حتى يحصل على دورة كاملة فلا يرجع إلا بخفي حنين ولا يتفق له إلا مجلدات مبتورة بعد أعوام وسنين، إلى أن حدا دواعي النفوس جماعة إلى تجديد طبعه فشرعوا فيه وخرج منه مجلدات بجهد جهيد وكد كديد وحدثت حوادث فحالت بينهم وبين الطبع موانع الأسباب وقصرت بهم الازمات، وبذل الناس لطبعه أموالا جزيلة رجاء الحصول على أمل لم يتحقق فأيسوا عن الكتاب وعما بذلوا حتى وكان يسئل بعضهم بعضا " متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " وكان الجواب لن يخرج إلى الوجود " ما اختلف الملوان وتعاقب العصران وكر الجديدان واستقبل الفرقدان ". إلى أن طلع نجم ولاح ضوء وبرق لامع واستنار أفق، أزال ظلمة اليأس وتصدى له من لا يثنيه عن عزمه الحدثان، ولا يبطئه تلاعب الأزمان، ووقعت القوس في يد باريها، وظهر بعض مجلدات الكتاب مطبوعة على أحسن صورة وكانت بشارة بسرعة العمل ووعدا قريبا بحصول الأمل من المكتبة الاسلامية الشريفة المشهورة باتقان الصنع وإنجاز الوعد والاسراع في الوفاء بالعهد، وكان من محاسن ما رأيت من الأجزاء المطبوعة، الصحة ومطابقة نسخة الكمباني، ويزيد عليها بذكر بعض كلمات تخالف المصادر ومما يمتاز به إنشاء الله أن يتجرد عن ذكر أمور تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا فائدة فيها، ولا حاجة للعلماء إليها ولا يعجز عنها احد وصرف الوقت والعمل فيها تسويف بغير علة وترجئة لغير سبب وهم إلى أصل الكتاب أحوج، والاسراع إلى إكمال الطبع عندهم أرضى وأحب. وفق الله الناشرين والمصححين والساعين في طبع الكتب الدينية وشركهم في ثواب علم العالمين وعمل العاملين بمحمد وآله الطاهرين.