[326] رجل أسمر أعين حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، حدث السن، له جلالة وهيبة. فلما نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم، ولا بالقواد ولا بأولياء العهد، فلما دنامنه عانقه وقبل وجهه، ومنكبيه، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويكنيه ويفديه بنفسه وأبويه، وأنا متعجب مما أرى منه إذ دخل عليه الحجاب فقالوا: الموفق قد جاء (1). وكان الموفق إذا جاء ودخل على أبي تقدم حجابه وخاصة قواده، فقاموا بين مجلس أبي وبين الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلا عليه يحدثه حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذ: إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمد ثم قال لغلمانه: خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الامير يعني الموفق وقام أبي فعانقه وقبل وجهه ومضى. فقلت لحجاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي (2) فعل به أبي هذا الذي فعل ؟ فقالوا: هذا رجل من العلوية يقال له: الحسن بن على يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا فلم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتى كان الليل، وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرت وما يرفعه إلى السلطان فلما نظر وجلس جئت فجلست بين يديه (3) فقال: يا أحمد ألك حاجة ؟ قلت: نعم يا أبه، إن أذنت، سألتك عنها، فقال: قد أذنت لك يا بني فقل ما إحببت فقلت: يا أبه من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والاكرام و ________________________________________ (1) الموفق هو أخو الخليفة المعتمد على الله: أحمد بن المتوكل، وكان صاحب حيشه. (2) في الكافي: ويلكم من هذا الذى كنيتموه على أبى. (3) زاد في اعلام الورى: وليس عنده أحد. ________________________________________