[ 36 ] كل شئ قدير " أي لم أقل ما قلت عن شك وارتياب، ويحتمل أنه إنما قال ذلك لانه ازداد لما عاين وشاهد يقينا وعلما، إذ كان قبل ذلك علمه علم استدلال فصار علمه ضرورة ومعاينة انتهى. أقول: سيأتي تفصيل هذه القصة وما سيأتي من قصة إبراهيم عليه السلام في كتاب النبوة مع سائر ما يتعلق بهما من الاخبار. 4 - فس: " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ " الآية حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أن إبراهيم عليه السلام نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البر وسباع البحر ثم يثب السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا، فتعجب إبراهيم فقال: " رب أرني كيف تحيي الموتى " فقال الله له: " أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم " فأخذ إبراهيم صلوات الله عليه الطاووس والديك والحمام والغراب قال الله عزوجل: " فصرهن إليك " أي قطعهن ثم اخلط لحماتهن (1) وفرقها على كل عشرة جبال ثم خذ مناقيرهن وادعهن يأتينك سعيا، ففعل إبراهيم ذلك وفرقهن على عشرة جبال ثم دعاهن فقال: أجيبيني بإذن الله تعالى فكانت يجتمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه إلى رأسه وطارت إلى إبراهيم، فعند ذلك قال إبراهيم: " إن الله عزيز حكيم ". " ص 81 " بيان: يظهر (2) من هذا الخبر وغيره من الاخبار أن إبراهيم عليه السلام أراد بهذا السؤال أن يظهر للناس جواب شبهة تمسك بها الملاحدة المنكرون للمعاد حيث قالوا: ________________________________________ (1) في المصدر: لحمهن (2) الذي يظهر من سياق الاية أن ابراهيم عليه السلام إنما سأله تعالى أن يريه كيفية إحياء الموتى لا أصل الاحياء كما يدل عليه قوله: " رب أرنى كيف تحيى الموتى " وبين الامرين فرق والذى ذكره المؤلف قدس سره وفاقا لكثير من المفسرين إنما يتم على التقدير الثاني وليس بمراد في الاية، وقد بينا ذلك بما لا مزيد عليه في تفسير الميزان فراجع. ط. ________________________________________