[ 17 ] فيه عذاب النار " عن وجوههم ولا عن ظهورهم " يعني أن النار تحيط بهم من جميع جوانبهم " ولا هم ينصرون " وجواب " لو " محذوف أي لعلموا صدق ما وعدوا به ولما استعجلوا، وفي قوله: " فتبهتهم " أي فتحيرهم فلا يقدرون على دفعها ولا يؤخرون إلى وقت آخر ولا يمهلون لتوبة أو لمعذرة. وفي قوله: " الذين يخشون ربهم بالغيب " أي في حال الخلوة والغيبة عن الناس، وقيل: في سرائرهم من غير رياء وفي قوله تعالى: " إن كنتم في ريب " الريب: أقبح الشك، أي إن كنتم في شك من النشور فإنا خلقنا أصلكم وهو آدم من تراب، فمن قدر على أن يصير التراب بشرا سويا حيا في الابتداء قدر أن يحيي العظام ويعيد الاموات " ثم من نطفة " أي ثم خلقنا نسله من نطفة " ثم من علقة " وهي القطعة من الدم الجامد " ثم من مضغة " أي شبه قطعة من اللحم ممضوغة " مخلقة وغير مخلقة " أي تامة الخلق وغير تامة، وقيل: مصورة وغير مصورة، وهو ما كان سقطا لا تخطيط فيه ولا تصوير " لنبينن لكم " أي لندلكم على مقدورنا بتصريفكم في ضروب الخلق، أو على أن من قدر على الابتداء قدر على الاعادة " ونقر " أي نبقي " في الارحام ما نشاء " إلى وقت تمامه، والاشد حال اجتماع العقل والقوة " ومنكم من يتوفى " أي يقبض روحه قبل بلوغ الاشد " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر " أي أسوء العمر وأخبثه عند أهله وهي حال الخرف " لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " أي لكيلا يستفيد علما وينسى ما كان به عالما. ثم ذكر سبحانه دلالة اخرى على البعث فقال: " وترى الارض هامدة " يعني هالكة أو يابسة دارسة من أثر النبات " فإذا أنزلنا عليها الماء " وهو المطر " اهتزت " أي تحركت بالنبات، والاهتزاز: شدة الحركة في الجهات " وربت " أي زادت وأضعفت نباتها " وأنبتت " يعني الارض " من كل زوج " أي من كل صنف " بهيج " أي مونق للعين حسن الصورة واللون " ذلك بأن الله " أي ذلك الذي سبق ذكره من تصريف الخلق على هذه الاحوال وإخراج النبات بسبب أن الله " هو الحق " أي لتعلموا أن الله تحق له العبادة دون غيره، وقيل: هو الذي يستحق صفات التعظيم " وأنه يحيي الموتى " لان من قدر على الانشاء قدر على الاعادة. ________________________________________