[362] وأصحابه، ووصاه بالنظر في وقوفه وصدقاته، وكتب إليه عهدا مشهورا ووصية ظاهرة في معالم الدين وعيون الحكمة والاداب، وقد نقل هذه الوصية جمهور العلماء واستبصر بها في دينه ودنياه كثير من الفقهاء، ولما قبض أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس الحسن وذكر حقه فبايعه أصحاب أبيه على حرب من حارب، وسلم من سالم. وروى أبو مخنف لوط بن يحيى قال: حدثني أشعث بن سوار، عن أبي إسحاق السبيعي وغيره، قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) في صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل، ولم يدركه الاخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقيه بنفسه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوجهه برايته، فيكنفه جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه، ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، والتي قبض فيها يوشع بن نون [وصي موسى]، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لاهله. ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس من حوله معه، ثم قال: أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله باذنه أنا ابن السراج المنير، أنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أنا من أهل بيت فرض الله مودتهم في كتابه فقال تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) (1) فالحسنة مودتنا أهل البيت ثم جلس. فقام عبد الله بن العباس رحمه الله بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه فاستجاب له الناس فقالوا: ما أحبه إلينا وأوجب حقه علينا وبادروا إلى البيعة له بالخلافة، وذلك [في] يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة. ________________________________________ (1) الشورى: 22. ________________________________________