[354] الريح تنفخه، والحر ينضجه، والليل يبرده ويطيبه، ثم أقبل الحسن (عليه السلام) فرجع في كلامه الاول فقال: أنا ابن مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض عن الرأس التراب، أنا ابن من يقرع باب الجنة: فيفتح له، أنا ابن من قاتل معه الملائكة وأحل له المغنم، ونصر بالرعب من مسيرة شهر. فأكثر في هذا النوع من الكلام، ولم يزل به حتى أظلمت الدنيا على معاوية وعرف الحسن (عليه السلام) من لم يكن يعرفه من أهل الشام وغيرهم، ثم نزل فقال له معاوية: أما إنك يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة ولست هناك، فقال الحسن (عليه السلام): أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمل بطاعة الله عزوجل ليس الخليفة من سار بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا أما وأبا، ولكن ذلك ملك أصاب ملكا فتمتع منه قليلا وكان قد انقطع عنه فاتخم لذته وبقيت عليه تبعته، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) (1) فأومأ بيده إلى معاوية ثم قام فانصرف، فقال معاوية لعمرو: والله ما أردت إلا شيني حين أمرتني بما أمرتني، والله ما كان يرى أهل الشام أن أحدا مثلي في حسب ولا غيره، حتى قال الحسن ما قال، قال عمرو: هذا شئ لا يستطاع دفنه ولا تغييره لشهرته في الناس واتضاحه، فسكت معاوية لعنه الله. بيان: الاتخام: الثقل الحاصل من كثرة أكل الطعام أي اتخم من لذته. 32 - قب: القاضي النعمان في شرح الاخبار بالاسناد، عن عبادة بن الصامت ورواه جماعة، عن غيره أنه سأل أعرابي أبا بكر فقال: إني أصبت بيض نعام فشويته وأكلته وأنا محرم فما يجب علي ؟ فقال له: يا أعرابي أشكلت علي في قضيتك، فدله على عمر، ودله عمر على عبد الرحمان فلما عجزوا قالوا: عليك بالاصلع فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سل أي الغلامين شئت، فقال الحسن: يا أعرابي ألك إبل ؟ قال: نعم، قال: فاعمد إلى عدد ما أكلت من البيض نوقا فاضربهن بالفحول ________________________________________ (1) الانبياء: 111. ________________________________________