[335] اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم، فزعمتم أن محمدا صنبور (1) والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثاره، وزعمت أنك قاتله وكان في قومك مؤنته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلا ذلك فأتيتنا خوفا من أن يشتهر وإنك إنما جئت بخير يراد بك. انبئك عن سفرك: خرجت في ليلة ضحياء إذ عصفت ريح شديدة اشتد منها ظلماؤها وأطلت سماؤها، وأعصر سحابها، فبقيت محر نجما كالاشقر إن تقدم نحر وإن تأخر عقر، (2) لا تسمع لواطئ حسا ولا لنافخ نار جرسا، تراكمت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها. فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، تقطع محجة وتهبط لجة في ديمومة قفر بعيدة القعر، مجحفة بالسفر إذا علوت مصعدا ازددت بعدا، الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف، وبرق خاطف، قد أوحشتك آكامها، وقطعتك سلامها، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرت عينك، وظهر رينك، وذهب أنينك. قال: من أين قلت يا غلام هذا ؟ كأنك كشفت عن سويد (3) قلبي، ولقد كنت كأنك شاهدتني، وما خفي عليك شئ من أمري وكأنه علم الغيب [ف] قال له: ما الاسلام ؟ فقال الحسن (عليه السلام): الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، فأسلم وحسن إسلامه، وعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله شيئا من القرآن فقال: يا رسول الله أرجع إلى قومي فاعرفهم ذلك) ؟ فأذن له، فانصرف ورجع ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الاسلام فكان الناس إذا نظروا إلى ________________________________________ (1) قال الجزرى: فيه: أن قريشا كانوا يقولون إن محمدا صنبور. أي أبتر لا عقب له. وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الارض وقيل: هي النخلة المنفردة التى يدق أسفلها. أرادوا أنه إذا قطع انقطع ذكره كما يذهب أثر الصنبور لانه لا عقب له. (2) من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة وكان على فرس أشقر، يقول: إن جريت على طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك وإن أسرعت فتأخرت منهزما أتوك من ورائك فعقروك، فأثبت وألزم الوقار. راجع مجمع الامثال ج 2 ص 140. (3) سويد: بتصغير الترخيم، أصله أسيود تصغير أسود. ________________________________________