[ 175 ] أو التفكر في فنائها وما يدعو إلى تركها. والنسك: العبادة. والورع: اجتناب المحارم، أو الشبهات أيضا. 41 - ف: عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه. قال: أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به، وأن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال: إن المال مقسوم بينكم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم وضمنه، سيفي لكم به (1)، والعلم مخزون عليكم عند أهله قد امرتم بطلبه منهم فاطلبوه، واعلموا أن كثرة المال مفسدة للدين مقساة للقلوب، وأن كثرة العلم والعمل به مصلحة للدين سبب إلى الجنة، والنفقات تنقص المال، والعلم يزكو على إنفاقه، وإنفاقه بثه (2) إلى حفظته ورواته، واعلموا أن صحبة العالم واتباعه دين يدان الله به، وطاعته مكسبة للحسنات ممحاة للسيآت، وذخيرة للمؤمنين، ورفعة في حياتهم، وجميل الاحدوثة عنهم بعد موتهم، إن العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، وعينه البراءة من الحسد، واذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الاسباب بالامور، ويده الرحمة، وهمته السلامة، ورجله زيارة العلماء، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وفائدته العافية، ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلام، وسيفه الرضاء، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، وماله الادب (3)، وذخيرته اجتناب الذنوب، وزاده المعروف، ومأواه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه صحبة الاخيار. بيان: مفسدة ومكسبة وأضرابهما كل منهما إما اسم فاعل أو مصدر ميمي أو إسم آلة أو اسم مكان، وفي بعضها لا يحتمل بعض الوجوه كما لا يخفى. والاحدوثه بالضم: ما يتحدث به. ثم إنه (عليه السلام) أراد التنبيه على فضائل العلم فشبهه بشخص كامل روحاني له أعضاء وقوى كلها روحانية بعضها ظاهرة، وبعضها باطنة، فالظاهرة كالرأس والعين والاذن واللسان واليد والرجل، والباطنة كالحفظ والقلب والعقل والهمة والحكمة، وله مستقر روحاني، ومركب وسلاح وسيف وقوس وجيش ________________________________________ (1) وفي نسخة: وسيفي لكم به. (2) بث الخبر: اذاعه ونشره. (3) ملكة تعصم من كانت فيه عما يشينه. ________________________________________