[55] والتحميد والتعظيم والتقديس، ثم قاموا بين يديه قالوا: مرنا بأمرك يا أمير المؤمنين و خليفة رب العالمين صلوات الله عليك، فقال عليه السلام: يا ملائكة ربي ائتوني الساعة بإبليس الابالسة وفرعون الفراعنة، قال: فوالله ما كان بأسرع من طرفة عين حتى أحضروه عنده، فقال عليه السلام: ارفعوا أعينكم، قال: فرفعنا أعيننا ونحن لا نستطيع أن ننظر إليه من شعاع نور الملائكة فقلنا: يا أمير المؤمنين الله الله في أبصارنا فما ننظر شيئا البتة، وسمعنا صلصلة (1) السلاسل واصطكاك الاغلال، وهبت ريح عظيمة، فقالت الملائكة: يا خليفة الله زد الملعون لعنة وضاعف عليه العذاب، فقلنا: يا أمير المؤمنين الله الله في أبصارنا ومسامعنا، فوالله ما نقدر على احتمال هذا السر والقدر، قال: فلما جروه بين يديه قام وقال: واويلاه من ظلم آل محمد واويلاه من اجترائي عليهم، ثم قال: يا سيدي ارحمني فإني لا أحتمل هذا العذاب، فقال عليه السلام: لا رحمك الله ولا غفر لك أيها الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان، ثم التفت إلينا وقال عليه السلام: أنتم تعرفون هذا باسمه وجسمه ؟ قلنا: نعم يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: سلوه حتى يخبركم من هو، فقالوا: من أنت ؟ فقال: أنا إبليس الابالسة وفرعون هذه الامة أنا الذي جحدت سيدي ومولاي أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين، وأنكرت آياته ومعجزاته. ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا قوم غمضوا أعينكم، فغمضنا أعيننا فتكلم عليه السلام بكلام أخفى، فإذا نحن في الموضع الذي كنا فيه لا قصور ولا ماء ولا غدران ولا أشجار. قال الاصبغ بن نباتة رضي الله عنه: والذي أكرمني بما رأيت من تلك الدلائل والمعجزات ما تفرق القوم حتى ارتابوا وشكوا ! وقال بعضهم: سحر وكهانة و إفك ! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن بني إسرائيل لم يعاقبوا ولم يمسخوا إلا بعد ما سألوا الآيات والدلالات، فقد حلت عقوبة الله بهم، والآن حلت لعنة الله فيكم وعقوبته عليكم، قال الاصبغ بن نباته رضي الله عنه: إني أيقنت أن العقوبة حلت بتكذيبهم الدلالات والمعجزات. ________________________________________ (1) الصلصلة: الصوت. ________________________________________