[44] جالسا في دكة القضاء إذ نهض إليه رجل يقال له صفوان الاكحل، وقال له: أنا رجل من شيعتك وعلي ذنوب فاريد أن تطهرني منها في الدنيا لاصل إلى الآخرة وما معي ذنب، فقال الامام عليه السلام: ما أعظم ذنوبك وما هي ؟ فقال: أنا ألوط الصبيان، فقال عليه السلام: أيما أحب إليك ضربة بذي الفقار أو اقلب عليك جدارا أو أرمي عليك نارا ؟ فإن ذلك جزاء من ارتكب تلك المعصية، فقال: يا مولاي احرقني بالنار لانجو من نار الآخرة، فقال عليه السلام: يا عمار اجمع ألف حزمة (1) قصب لنضرمه غداة غد بالنار، ثم قال للرجل: انهض وأوص بمالك وبما عليك، قال: فنهض الرجل و أوصى بما له وما عليه، وقسم أمواله على أولاده، وأعطى كل ذي حق حقه، ثم بات على حجرة أمير المؤمنين عليه السلام في بيت نوح شرقي جامع الكوفة، فلما صلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: يا عمار ناد بالكوفة: اخرجوا وانظروا حكم أمير المؤمنين عليه السلام فقال جماعة منهم: كيف يحرق رجلا من شيعته ومحبيه وهو الساعة يريد يحرقه بالنار فبطلت إمامته ؟ ! فسمع بذلك أمير المؤمنين عليه السلام قال عمار: فأخذ الامام الرجل ورمى عليه ألف حزمة من القصب، فأعطاه مقدحة وكبريتا وقال: اقدح وأحرق نفسك، فإن كنت من شيعتي ومحبي وعارفي فإنك لا تحترق بالنار وإن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك، فأوقد الرجل على نفسه واحترق القصب، وكان على الرجل ثياب بيض فلم تعلق بها النار ولم تقربها الدخان، فاستفتح الامام عليه السلام وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، ثم قال: إن شيعتنا منا وأنا قسيم الجنة والنار، وأشهد لي بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله في مواطن كثيرة (2). 17 - فر: علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن الاعمش قال: خرجت حاجا إلى مكة، فلما انصرفت بعيدا رأيت عمياء على ظهر الطريق تقول: بحق (3) محمد ________________________________________ (1) بالمهملة ثم المعجمة ما حزم وشد من الحطب وغيره. (2) الفضائل: 77 و 78. (3) في المصدر: اللهم انى اسألك بحق اه‍. ________________________________________