[335] بالقار (1)، تكون نحوا من خمسة أذرع أو أزيد، تدلى من السطوح حفظا للحيطان. وأما قوله عليه السلام: " لا يندب قتيلهم " فقيل: إنه وصف لهم لشدة البأس و الحرص على القتال، وأنهم لا يبالون بالموت، وقيل: لانهم كانوا عبيدا غرباء لم يكن لهم أهل وولد ممن عادتهم الندبة وافتقاد الغائب، وقيل: " لا يفقد غائبهم " وصف لهم بالكثرة، وأنه إذا قتل منهم قتيل سد مسده غيره، ويقال: كببت فلانا على وجهه أي تركته ولم ألتفت إليه. وقوله: " وقادرها بقدرها " أي معامل لها بمقدارها وقوله: " ناظرها بعينها " أي ناظر إليها بعين العبرة أو أنظر إليها نظرا يليق بها (2). 56 - نهج: ومنه يومئ إلى وصف الاتراك: كأني أراهم قوما كأن وجوههم المجان المطرقة، يلبسون السرق والديباج، ويعتقبون الخيل العتاق، و يكون هناك استحرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول، ويكون المفلت أقل من المأسور، فقال له بعض أصحابه: لقد عطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فضحك عليه السلام وقال للرجل وكان كلبيا: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب وإنما هو تعلم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله: إن الله عنده علم الساعة " الآية (3) فيعلم سبحانه ما في الارحام من ذكر وانثى وقبيح أو جميل وسخي أو بخيل وشقي أو سعيد، من يكون في النار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعمله أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله ________________________________________ (1) المئازيب جمع المئزاب: مجرى الماء. والقار: مادة سوداء تطلى بها السفن. (2) أقول: ما ذكره عليه السلام في هذه الخطبة من المغيبات يلائم زماننا هذا - وهو القرن الرابع عشر من الهجرة - فالجيش الموصوف في كلامه عليه السلام بأن ليس له غبار ولا لجب ولا قعقعة ولا حمحمة لعله رمز إلى السلاحات الموجودة في هذا العصر كالطيارات القاذفة للقنابل الذرية والقذائف والصواريخ التى تدمر المدن العامرة في لحظات يسيرة وتجعلها قاعا صفصفا، بحيث لا يبقى احد حتى يندب القتلى أو يفتقدهم. وكذلك المراد من الدور المزخرفة التى لها اجنحة وخراطيم: الابنية والقصور المشيدة في عصرنا هذا. اعاذ الله البشرية ولا سيما المسلمين من نائرة الحروب والتخاصم. (3) سورة لقمان: 34. ________________________________________