[54] فقال سعد: بأبي أنت وامي يا رسول الله بينا أنا جالس على بابي وبحضرتي (1) نفر من أصحاب الانصار (2) إذ تمادى رجلان من الانصار قد دب في أحدهما النفاق (3)، فكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن يزداد شرهما، وأردت أن يتكافا فلم يتكافا (4)، وتماديا في شرهما حتى انتهيا (5) إلى أن جرد كل واحد منهما السيف على صاحبه، فأخذ هذا سيفه وترسه وهذا سيفه وترسه (6) وتجادلا وتضاربا، فجعل كل واحد منهما (7) يتقي سيف صاحبه بدرقته، (8) وكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن تمتد إلي يد خاطئة، وقلت في نفسي: اللهم انصر أحبهما لنبيك وآله. فما زالا يتجاولان لا يتمكن (9) واحد منهما من الآخر إلى أن اطلع علينا أخوك علي بن أبي طالب عليه السلام فصحت بهما: هذا علي بن أبي طالب لم تواقراه ؟ فواقراه وتكافا، وهذا أخو رسول الله وأفضل آل محمد، فأما أحدهما فإنه لما سمع مقالتي رمى بسيفه ودرقته من يده، وأما الآخر فلم يحفل (10) بذلك، فتمكن لاستسلام صاحبه منه، فقطعه بسيفه قطعا أصابه بنيف وعشرين ضربة، فغضبت عليه ووجدت من ذلك وجدا (11) شديدا، وقلت له: يا عبد الله بئس العبد أنت لم توقر أخا رسول الله وأثخنت بالجراح (12) من وقره، وقد كان لك قرنا كفيا بدفاعك عن نفسه، وما تمكنت منه إلا بتوقيره أخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ________________________________________ (1) في المصدر: ويحضرنى. (2) = وفى (د) من أصحابي الانصار. وفى المصدر: من الاصحاب خ ل. (3) تمادى في غيه: دام على فعله ولج. دب: سرى وجرى. وفى المصدر: فرأيت في أحدهما النفاق. 4) أي أردت ان يكف كل منهما عن الاخر فلم يكف. (5) في المصدر: حتى تواثبا. (6) الترس - بضم التاء -: صفحة من الفولاد تحمل للوقاية من السيف ونحوه. (7) في المصدر: فيجعل كل منهما. (8) الدرقة - بالفتحات -: الترس. (9) في المصدر: فما زالا يتجاولان ولا يتمكن اه‍. (10) أي ما بالى به ولا اهتم له. (11) الوجد: الغضب. (12) أثخنته الجراح: أوهنته وأضعفته. ________________________________________