[ 314 ] ولحسن مزيده موجبا، ونستعين به استعانة راج لفضله، مؤمل لنفعه، واثق بدفعه، معترف له بالطول، (1) مذعن له بالعمل والقول، ونؤمن به إيمان من رجاه موقتا ؟، وأناب إليه مؤمنا، وخنع له مذعنا وأخلص له موحدا، وعظمه ممجدا، ولاذبه راغبا مجتهدا، لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا، ولم يتقدمه وقت ولا زمان، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن والقضاء المبرم، فمن شواهد خلقه خلق السموات موطدات بلا عمد، قائمات بلاسند، دعاهن فأجبن طائعات مذعنات، غير متلكئات ولا مبطئات، (2) ولولا إقرار هن له بالربوبية وإذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه، ولا مسكنا لملائكته، ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من خلقه، جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران في مختلف فجاج الاقطار لم يمنع ضوء نورها إدلهمام سجف الليل المظلم، ولا استطاعت جلابيب (3) سواد الحنادس أن ترد ما شاع في السموات من تلالؤ نور القمر، فسجان من لا يخفى عليه سواد غسق داج، ولاليل ساج في بقاع الارضين المتطاطئات، ولافي يفاع السفع المتجاورات، وما يتجلجل به الرعد في افق السماء، وما تلاشت عنه بروق الغمام، وما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الانواء وانهطال السماء، ويعلم مسقط القطرة ومقرها، و مسحب الذرة ومجرها، وما يكفي البعوضة من قوتها، وما تحمل الانثى في بطنها. والحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش أو سماء أو أرض أو جان أو إنس، لا يدرك بوهم، ولا يقدر بفهم، ولا يشغله سائل، ولا ينقصه نائل، ولا ينظر بعين، ولا يحد بأين، و لا يوصف بالازواج، ولا يخلق بعلاج، ولا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، الذي كلم موسى تكليما، وأراه من آياته عظيما، بلا جوارح ولا أدوات، ولا نطق ولالهوات بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك فصف جبرئيل وميكائيل وجنود الملائكة المقربين في حجرات القدس مرجحنين، متولهة عقولهم أن يحدوا حسن الخالقين، و ________________________________________ (1) الطول بفتح الطاء: الفضل. (2) التلكؤ الاعتلال. وعن الامر: التباطوء والتوقف. (3) الجلابيب: القميص أو الثواب الواسع. وفى المغرب: ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء. ________________________________________