[ 307 ] لا انبساط خطوة في ليل داج ولا غسق ساج، يتفيأ عليه القمر المنير، وتعقبه الشمس ذات النور في الافول والكرور، (1) وتقليب الازمنة والدهور، من إقبال ليل مقبل، و إدبار نهار مدبر، قبل كل غاية ومدة، وكل إحصاء وعدة، تعالى عما ينحله المحددون من صفات الاقدار، ونهايات الاقطار، وتأثل المساكن، وتمكن الاماكن، فالحد لخلقه مضروب، وإلى غيره منسوب، لم يخلق الاشياء من اصول أزلية، ولامن أوائل أبدية، بل خلق ما خلق فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صورته، ليس لشئ منه امتناع، ولاله بطاعة شئ انتفاع، علمه بالاموات الماضين كعلمه بالاحياء الباقين، وعلمه بما في السموات العلى كعلمه بما في الارضين السفلى. ايضاح: ساطح المهاد أي باسط الارض التي هي بمنزلة الفراش للخلق، و الوهد: المكان المنخفض، والنجاد: ما ارتفع من الارض أي مجري السيول في الوهاد، ومنبت العشب والنبات والاشجار في النجاد. قوله: انقضاء أي في طرف الابد، ويحتمل أن يكون المراد بالاولية العلية أي ليست له علة، وليس لوجوده في الازل انقضاء، والاول أوفق بالفقرتين الآتيتين لفا ونشرا، وشخوص اللحظة: مد البصر بلا حركة جفن، وكرور اللفظة: رجوعها، وقيل: ازدلاف الربوة صعنود إنسان أو حيوان ربوة من الارض، وهي الموضع المرتفع، وقيل: ازدلاف الربوة تقدمها في النظر، فإن الربوة أول ما يقع في العين من الارض عند مد البصر من الزلف بمعنى القرب. قوله عليه السلام: داج اي مظلم، والغسق محركة: ظلمة أول الليل، وقوله: ساج أي ساكن، كما قال تعالى: " واليل إذا سجى " (2) أي سكن أهله، أو ركد ظلامه من سجى البحر سجوا إذا سكنت أمواجه. قوله عليه السلام: يتفيأ هذا من صفات الغسق ومن تتمة نعته، ومعنى يتفيأ عليه: يتقلب ذاهبا وجائيا في حالتي أخذه في الضوء إلى التبدر، وأخذه في النقص إلى المحاق، والضمير في عليه للغسق. وقوله: وتعقبه أي تتعقبه فخذف إحدى التائين، والضمير فيه للقمر. وقوله: ________________________________________ (1) الافول: المغيب، والكرور: الرجوع بالشروق. (2) الضحى: 3. ________________________________________