[ 305 ] سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الاماكن، ولا تصحبه الاوقات، (1) ولا تحده الصفات، ولا تأخذه السنات، (2) سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له، وبمضاد ته بين الاشياء عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لاقرين له، ضاد النور بالظلمة، والجسوء بالبلل، (3) والصرد بالحرور، مؤلف بين معتادياتها، مفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله عزوجل: " ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون " ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم أن لاقبل له ولابعد، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لاوقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لاحجاب بينه وبين خلقه غير خلقه، كان ربا ولا مربوب، وإلها ولا مألوه، وعالما إذ لا معلوم، وسميعا إذ لا مسموع. ثم أنشأ يقول: (4) ولم يزل سيدي بالحمد معروفا * ولم يزل سيدي بالجود موصوفا وكان إذ ليس نور يستضاء به * ولا ظلام على الآفاق معكوفا فربنا بخلاف الخلق كلهم * وكل ما كان في الاوهام موصوفا ومن يرده على التشبيه ممتثلا * يرجع أخا حصر بالعجز مكتوفا وفي المعارج يلقى موج قدرته * موجا يعارض طرف الروح مكفوفا فاترك أخا جدل في الدين منعمقا * قد باشر الشك فيه الرأي مأووفا واصحب أخا ثقة حبا لسيده * وبالكرامات من مولاه محفوفا أمسى دليل الهدى في الارض مبتسما (5) * وفي السماء جميل الحال معروفا ________________________________________ (1) أي لا يلازمه الاوقات ولا تكون معه سبحانه. وفى الكافي: لا تضمنه الاوقات أي لا تشتمل عليه. (2) جمع السنة بكسر السين: فتور يتقدم النوم. (3) في الكافي: واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور. والجسوء والجسء: الماء الجامد. (4) الاشعار من أحسن الدليل على ان الخلقة غير منقطعة من حيث أولها كما أنها كذلك من حيث آخرها. ط (5) في نسخة من الكتاب والتوحيد المطبوع: في الارض منتشرا. (*) ________________________________________