[ 301 ] 29 - ف: عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما: أيها الناس اتقوا هؤلاء المارقة (1) الذين يشبهون الله بأنفسهم، يضاهؤون قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو الله ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار، وهو اللطيف الخبير، استخلص الوحدانية والجبروت، وأمضى المشية والارادة والقدرة والعلم بما هو كائن، لا منازع له في شئ من أمره، ولا كفوله يعادله، ولاضد له ينازعه، ولا سمي له يشابهه، ولا مثل له يشاكله، لاتتداوله الامور، ولا تجري عليه الاحوال، ولا تنزل عليه الاحداث، ولا يقدر الواصفون كنه عظمته، ولا يخطر على القلوب مبلغ جبروته لانه ليس له في الاشياء عديل، ولا تدركه العلماء بألبابها، ولا أهل التفكير بتفكيرهم، إلا بالتحقيق إيقانا بالغيب لانه لا يوصف بشئ من صفات المخلوقين، وهو الواحد الصمد، ما تصور في الاوهام فهو خلافه، ليس برب من طرح تحت البلاغ، (2) ومعبود من وجد في هواء أو غير هواء، هو في الاشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه، ومن الاشياء بائن لا بينونة غائب عنها، ليس بقادر من قارنه ضد، أو ساواه ند، ليس عن الدهر قدمه، ولا بالناحية أممه، احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار، وعمن في السماء احتجابه عمن في الارض، قربه كرامته، وبعده اهانته، لا يحله في، ولاتوقته إذ، ولا تؤامره إن، علوه من غير نوقل، (3) ومجيئه من غير تنقل، يوجد المفقود، ويفقد الموجود، ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت، يصيب الفكر منه الايمان به موجودا ووجود الايمان لا وجود صفة، به نوصف الصفات لانها يوصف، وبه تعرف المعارف لابها يعرف، فذلك الله لاسمي له سبحانه، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. بيان: استخلص الوحدانية أي جعلها خالصة لنفسه لا يشاركه فيها غيره، ________________________________________ (1) مرق من الدين: خرج منه بضلالة أو بدعة، والمارقة مؤنث المارق وهو من مرق من الدين ويطلق المارقة على الخوارج ايضا لمروقهم من الدين. (2) البلاغ بفتح الباء: ما يبلغ. الوصول إلى الشئ، ولعل المعنى: ليس برب من طرح تحت بلوغ الافكار، ورمى تحت وصول الاوهام. (3) في التحف المطبوع: علوه من غير توقل. وهو الصحيح، من قولهم: توقل في الجبل: صعد فيه. ________________________________________