[ 295 ] ولم يخل منها فيقال: أين، ولم يقرب منها بالالتزاق، ولم يبعد عنها بالافتراق، بل هو في الاشياء بلا كيفية، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، وأبعد من الشبهة (1) من كل بعيد، لم يخلق الاشياء من اصول أزلية، ولامن أوائل كانت قبله بدية، بل خلق ما خلق وأتقن خلقه، وصور ما صور فأحسن صورته، فسبحان من توحد في علوه فليس لشئ منه امتناع، ولاله بطاعة أحد من خلقه انتقام، (2) إجابته للداعين سريعة، والملائكة له في السماوات والارض مطيعة، كلم موسى تكليما بلا جوارح وأدوات ولا شفة ولا لهوات، (3) سبحانه وتعالى عن الصفات، فمن زعم أن إله الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود. والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة. بيان: قوله عليه السلام: لا بدئ على فعيل أي لا يقال: بدأ الاشياء مما إذ لم يخلقها من شئ، وكونه فعيلا بمعنى المفعول أو فعلا على بناء المجهول بعيد. قوله عليه السلام: و لا يزال مهما كلمة مهما هنا ظرف زمان جئ بها لتعميم الازمان أي لا يزول أبدا، و بحتمل أن يكون حرف نفي آخر مقدرا، أو يكون معطوفا على المنفي سابقا أي ليس لا يزال مقيدا بمهما يكن كذا، ويمكن أن يكون سقوط أحدهما من النساخ لتوهم التكرار، ولا ممازج مع ما أي لا يمكن أن يقال: مع أي شئ ممازج. قوله عليه السلام: ولا خيال وهما أي غير متخيل بالوهم. قوله عليه السلام: ليس بشبح أي شخص. قوله عليه السلام: ولا بمحدث فيبصر أي لو كان مبصرا لكان محدثا فلا يتوهم منه أن كل محدث مبصر. قوله: فيحوي أن تكون الحجب حاوية له، أو يكون جسما محويا بالحدود والنهايات. قوله: عليه السلام: والضروب وهي جمع الضرب بمعني المثل، (4) أو المراد ضرب الامثال. قوله عليه السلام: بالاشباح أي الصور الخيالية والعقلية، أو بصفات الاشخاص. ________________________________________ (1) في التوحيد المطبوع: وأبعد من الشبه. (2) في التوحيد المطبوع: ولاله بطاعة أحد من خلقه انتفاع. وهو الصحيح. (3) جمع اللهاة، وهو اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم. (4) أو الشكل. ________________________________________