[ 288 ] ولا مستراح عن دعوته ولا زوال لملكه، ولا انقطاع لمدته وهو الكينون أولا، (1) والديموم أبدا، المحتجب بنوره دون خلقه في الافق الطامح، والعز الشامخ، والملك الباذخ، فوق كل شئ علا ومن كل شئ دنا، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى، وهو بالمنطر الاعلى، فأحب الاختصاص بالتوحيد إذا احتجب بنوره، وسما في علوه، واستتر عن خلقه، وبعث إليهم الرسل لتكون له الحجة البالغة على خلقه، ويكون رسله إليهم شهداء عليهم، وانبعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعدما أنكرو، ويوحدوه بالالهية بعد ما عندوا. بيان: قوله: متعظما أي مستحقا للتعظيم أو عظيما في غاية العظمة، وكذا قوله متكبرا، والغرض أنه لم يكن عظمته وكبرياؤه وإلهيته متوقفة على إيجاد خلقه وقوله: ربنا مبتدأ وفتق خبره، والظرفان متعلقان بفتق، وإضافة العلم إلى الخبر للتأكيد، وفي بعض النسخ بالجيم. قوله: فلق أي ظلمة الليل، وهو إشارة إلى قوله تعالى: " فالق الاصباح ". (2) قوله: لا معقب لحكمه أي لاراد له، وحقيقته الذي يعقب الشئ بالابطال، والمستراح: محل الاستراحة أي لا مفر عن دعوته، والكينون والديموم مبالغتان في الكائن والدائم. قوله: المحتجب بنوره أي ليس حجابه إلا نوريته أي تجرده وكماله و رفعته وجلاله، والطامح: المرتفع كالشامخ والباذخ، يقال: جبل شامخ أي شاهق، وشرف باذخ أي عال. قوله: وهو بالمنظر الاعلى المنظر: الموضع المرتفع الذي ينظر إليه أي موضعه أرفع من أن ينظر إليه بالابصار والاوهام والعقول، أو المراد بالمنظر المدارك والمشاعر أي هو أعلى وأرفع من أن يكون في مشاعر الخلق، ويحتمل أن يكون كناية عن علمه ________________________________________ (1) في التوحيد المطبوع: وهو الكينون أزلا. (2) الانعام: 96 ________________________________________